و جاء أهل مسجد الضّرار إلى رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- و هو يتجهّز إلى تبوك فقالوا: يا رسول اللّه قد بنينا مسجدا لذي العلّة و الحاجة و الليلة المطيرة، و نحبّ أن تأتينا فتصلّي فيه، فقال لهم رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- «إنّا في شغل السّفر، و إذا انصرفت سيكون».
ذكر خبر المخلفين و المعذرين و البكائين
قال ابن عقبة- (رحمه اللّه تعالى)-: و تخلّف المنافقون، و حدّثوا أنفسهم أن رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- لا يرجع إليهم أبدا، فاعتذروا. و تخلّف رجال من المسلمين بأمر كان لهم فيه عذر، منهم السقيم و المعسر.
قال محمد بن عمر: و جاء ناس من المنافقين إلى رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- ليستأذنوه في القعود من غير علة، فأذن لهم- و كانوا بضعة و ثمانين رجلا.
و روى ابن مردويه عن جابر بن عبد اللّه- رضي اللّه عنهما- استدار برسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- رجال من المنافقين حين أذن للجدّ بن قيس يستأذنون يقولون: يا رسول اللّه ائذن لنا فأنا لا نستطيع أن نغزو في الحرّ، فأذن لهم، و أعرض عنهم [1].
و جاء المعذّرون من الأعراب فاعتذروا إليه فلم يعذرهم اللّه، قال ابن إسحاق: و هم نفر من بني غفار، قال محمد بن عمر، كانوا اثنين و ثمانين رجلا، منهم، خفاف ابن أيماء.
و روى ابن جرير، و ابن مردويه عن ابن عباس- رضي اللّه عنه- و ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي و ابن إسحاق، و ابن المنذر، و أبو الشيخ عن الزهري، و يزيد بن رومان، و عبد اللّه بن أبي بكر، و عاصم بن محمد بن عمر بن قتادة و غيرهم: أن عصابة من أصحاب رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- جاءوه يستحملونه، و كلهم معسر ذو حاجة لا يحب التخلف عن رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- فقال رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- «لا أجد ما أحملكم عليه تولّوا و أعينهم تفيض من الدمع حزنا ألّا يجدوا ما ينفقون»،
و هم سبعة، و اختلفوا في أسمائهم، فالذي اتفقوا عليه سالم بن عمير من بني عمرو بن عوف الأوسي و علبة- بضم العين المهملة و سكون اللام و بالموحدة- بن زيد- و أبو ليلى عبد الرحمن بن كعب. و هرمي- و يقال بإسقاط التحتية- ابن عبد اللّه- و هو بها- و الذي اتفق عليه القرظي، و ابن إسحاق، و تبعهم ابن سعد، و ابن حزم، و أبو عمرو، و السهيلي و لم يذكر الأخير، و الواقدي. عرباض- بكسر العين المهملة و سكون الراء و بالضاد المعجمة بن سارية بالمهملة و بالتحتية، و جزم بذلك ابن حزم، و أبو عمرو، و رواه أبو نعيم عن ابن عباس، و الذي اتفق عليه القرظي و ابن عقبة و ابن إسحاق. عبد اللّه بن مغفّل- بميم
[1] أخرجه البيهقي في الدلائل 5/ 318، و الدر المنثور 3/ 268.