من طوافه أرسل بلالا إلى عثمان بن طلحة يأتيه بمفتاح الكعبة، فجاء بلال إلى عثمان، فقال:
إن رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- يأمرك أن تأتي بالمفتاح، فقال: نعم هو عند أمي سلافة، فرجع بلال إلى رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- فأخبره أنّه قال نعم، و أن المفتاح عند أمّه، فبعث إليها رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- رسولا فجاء، فقالت: لا، و اللّات و العزّى، لا أدفعه إليك أبدا، فقال عثمان يا رسول اللّه أرسلني أخلصه لك منها، فأرسله، فقال: يا أمه ادفعي إليّ المفتاح، فإن رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- قد أرسل إليّ، و أمرني أن آتيه به، فقالت أمّه: لا. و اللّات و العزّى لا أدفعه إليك أبدا فقال: لا لات و لا عزى إنّه قد جاء أمر غير ما كنّا عليه، و إنّك إن لم تفعلي قتلت أنا و أخي فأنت قتلتينا، فو اللّه لتدفعنّه أو ليأتينّ غيري فيأخذه منك، فأدخلته في حجزتها، و قالت: أي رجل يدخل يده ههنا؟ [1].
قال الزهري فيما رواه عبد الرّزاق، و الطبراني: فأبطأ عثمان و رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- قائم ينتظره حتّى إنه لينحدر منه مثل الجمان من العرق، و يقول: «ما يحبسه فيسعى إليه رجل» انتهى. فبينما هما على ذلك و هو يكلمها إذ سمعت صوت أبي بكر و عمر- رضي اللّه عنهما- في الدّار، و عمر رافع صوته حين أبطأ عثمان ... يا عثمان اخرج، فقالت أمّه: يا بنيّ خذ المفتاح، فإن تأخذه أنت أحب إليّ من أن يأخذه تيم وعدي، فأخذه عثمان، فخرج يمشي به حتّى إذا كان قريبا من وجه رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- عثر عثمان فسقط منه المفتاح، فقام رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- إلى المفتاح فحنى عليه بثوبه [2].
و روى الفاكهي عن ابن عمر: أن بني أبي طلحة كانوا يقولون: لا يفتح الكعبة إلّا هم، فتناول رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- المفتاح، ففتح الكعبة بيده.
و روى ابن أبي شيبة بسند جيّد عن أبي السفر- (رحمه اللّه تعالى)- قال: لما دخل رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- مكة دعا شيبة بن عثمان بالمفتاح- مفتاح الكعبة- فتلكأ، فقال لعمر: قم فاذهب معه فإن جاء به و إلّا فأجلد رأسه» فجاء به فأجاله في حجره.
ذكر أمره- (صلّى اللّه عليه و سلم)- بإزالة الصور عن البيت قبل دخوله إياه
روى أبو داود، و ابن سعد، و محمد بن عمر، و اللفظ له: أن رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- أمر عمر بن الخطاب- و هو بالبطحاء- أن يأتي الكعبة فيمحو كلّ صورة فيها، فلم يدخلها حتّى