و ذكر عن ابن إسحاق أن فرتنى هي التي أسلمت، و أن قريبة قتلت.
و أم سعد قتلت فيما ذكره ابن إسحاق، و يحتمل كما قال الحافظ- (رحمه اللّه)- تعالى- أن تكون أرنب، و أم سعد القينتان. و اختلف في اسمهما باعتبار الكنية و اللّقب.
ذكر دخوله- (صلّى اللّه عليه و سلم)- مكة و إرسال طائفة من أصحابه أمامه و ارادة بعض المشركين صدهم عن دخولهم، و قتل المسلمين لهم
قال ابن إسحاق- (رحمه اللّه تعالى)- و غيره: لمّا ذهب أبو سفيان إلى مكة بعد ما عاين جنود اللّه- تعالى- تمرّ عليه، فانتهى المسلمون إلى ذي طوى، فوقفوا ينتظرون رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- حتّى تلاحق النّاس، و أقبل رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- في كتيبته الخضراء، و هو على ناقته القصواء، معتجرا بشقّ برد حبرة حمراء.
و عن أنس- رضي اللّه عنه- قال: لمّا دخل رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- استشرفه الناس، فوضع رأسه على رحله متخشّعا، رواه الحاكم بسند جيّد قويّ، و رواه أبو يعلى من طريق آخر [1]، و عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- قال: دخل رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- يومئذ و عليه عمامة سوداء، و رايته سوداء، و لواؤه أسود حتّى وقف بذي طوى، و توسّط الناس، و إنّ عثنونه ليمسّ واسطة رحله، أو يقرب منها تواضعا للّه عزّ و جلّ حين رأى ما رأى من فتح اللّه تعالى، و كثرة المسلمين،
ثم قال: «اللّهم إنّ العيش عيش الآخرة»
قال: و جعلت الخيل تمعج بذي طوى في كل وجه، ثمّ ثابت و سكنت حين توسطهم رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- رواه محمد بن عمر [2].
و عن أنس- رضي اللّه تعالى عنه: أنّ رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- دخل مكّة و عليه عمامة سوداء بغير إحرام، رواه الإمام أحمد، و مسلم، و الأربعة [3].
و عن عمرو بن حريث- رضي اللّه عنه قال: كأني أنظر إلى رسول اللّه- صلّى اللّه ليه و سلّم يوم فتح مكّة، و عليه عمامة سوداء خرقانيّة، و قد أرخى طرفها بين كتفيه، رواه مسلم [4]، و عن عائشة- رضي اللّه عنها- قالت: دخل رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- يوم الفتح من كداء من أعلى مكة، رواه البخاري، و البيهقيّ.
و عن جابر- رضي اللّه عنه- قال: كان لواء رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- يوم دخل مكة أبيض، رواه الأربعة [5].
[1] الحديث عند ابن عدي في الكامل 4/ 571، و انظر المجمع 6/ 196.