قالوا: و نزل رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم) و المسلمون مرّ الظّهران عشاء، و أمر أصحابه أن يوقدوا عشرة آلاف نار، و جعل على الحرس عمر بن الخطاب- رضي اللّه تعالى عنه- قال عروة كما عند ابن عائذ، و به جزم ابن عقبة و ابن إسحاق، و محمّد بن عمر و غيرهم، و عميت الأخبار عن قريش، فلم يبلغهم حرف واحد عن مسير رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- و لا يدرون ما هو فاعل، و هم مغتمّون لما يخافون من غزوة إيّاهم، فبعثوا أبا سفيان بن حرب.
و روى إسحاق بن راهويه، و الحاكم، و البيهقيّ بسند صحيح عن ابن عباس- رضي اللّه عنهما- قال: مضى رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- عام الفتح حتى نزل مرّ الظّهران في عشرة آلاف من المسلمين، و قد عميت الأخبار عن قريش فلا يأتيهم خبر عن رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- و لا يدرون ما هو صانع [1].
و في الصحيح عن عروة قال: لمّا سار رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- عام الفتح بلغ ذلك قريشا، فخرج أبو سفيان بن حرب يتحسّس الأخبار. و قالت قريش: لأبي سفيان: إن لقيت محمدا فخذلنا منه أمانا، فخرج هو و حكيم بن حزام، فلقيا بديل بن ورقاء، فاستتبعاه، فخرج معهما يتحسّسون الأخبار، و ينظرون هل يجدون خبرا، أو يسمعون به، فلما بلغوا الأراك من مرّ الظّهران، و ذلك عشيا رأوا العسكر و القباب و النيران كأنها نيران عرفة، و سمعوا صهيل الخيل، و رغاء الإبل، فأفزعهم ذلك فزعا شديدا. قال عروة كما في الصحيح-: فقال بديل بن ورقاء:
هؤلاء بنو كعب- و في رواية بنو عمرو: يعني بها خزاعة- حمشتها الحرب. فقال أبو سفيان:
ذكر المنام الذي رآه أبو بكر الصديق- رضي اللّه عنه
روى البيهقيّ عن ابن شهاب- رضي اللّه تعالى عنه- أن أبا بكر قال: يا رسول اللّه!! أراني في المنام و أراك دنونا من مكة، فخرجت إلينا كلبة تهرّ، فلما دنونا منها استلقت على ظهرها، فإذا هي تشخب لبنا، فقال رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)-: «ذهب كلبهم و أقبل درّهم، و هم سيأوون بأرحامهم و إنكم لاقون بعضهم فإن لقيتم أبا سفيان فلا تقتلوه».
ذكر إعلامه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- بالليل بأن أبا سفيان في الأراك و أمره بأخذه
روى الطبرانيّ عن أبي ليلى- رضي اللّه عنه- قال: كنّا مع رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- بمرّ