قال ابن عقبة، و ابن إسحاق: و لمّا قدم رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- المدينة من الحديبية- زاد ابن إسحاق في ذي الحجة- مكث بها عشرين ليلة أو قريبا منها، ثم خرج غاديا إلى خيبر- زاد ابن إسحاق في المحرم- و كان اللّه- عزّ و جلّ- وعده إيّاها و هو بالحديبية، فنزلت عليه سورة الفتح فيما بين مكة و المدينة، فأعطاه اللّه- تعالى- فيها خيبر: وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ [الفتح 20]- خيبر.
قال محمد بن عمر: أمر رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- أصحابه بالخروج فجدّوا في ذلك، و استنفر من حوله ممّن شهد الحديبية يغزون معه، و جاءه المخلّفون عنه في غزوة الحديبية ليخرجوا معه رجاء الغنيمة،
فقال: «لا تخرجوا معي إلّا راغبين في الجهاد، فأمّا الغنيمة فلا».
قال أنس- رضي اللّه عنه-: و قال رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- لأبي طلحة- رضي اللّه عنه- حين أراد الخروج إلى خيبر: «التمسوا إليّ غلاما من غلمانكم يخدمني» فخرج أبو طلحة مردفي و أنا غلام، قد راهقت، فكان رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- إذا نزل خدمته-، فسمعته كثيرا ما يقول: «اللّهمّ إنّي أعوذ بك من الهمّ و الحزن و العجز و الكسل و البخل و الجبن و ضلع الدّين و غلبة الرّجال» رواه سعيد بن منصور.
و استخلف رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- على المدينة. قال ابن هشام: نميلة أي بضم النون، و فتح الميم، و سكون التحتية، ابن عبد اللّه الليثي.- كذا قال و الصحيح سباع- بكسر السين بن عرفطة- بعين مهملة مضمومة فراء ساكنة ففاء مضمومة، فطاء مهملة كما رواه الإمام أحمد، و البخاري في التاريخ الصغير، و ابن خزيمة، و الطحاوي، و الحاكم، و البيهقي عن أبي هريرة- رضي اللّه عنهم [2].
و أخرج معه أم المؤمنين أم سلمة- رضي اللّه عنها.
و لمّا تجهز رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- و الناس شق على يهود المدينة الّذين هم موادعو رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- و عرفوا أنّه إن دخل خيبر أهلك أهل خيبر، كما أهلك بني قينقاع، و النّضير و قريظة. و لم يبق أحد من يهود المدينة له على أحد من المسلمين حقّ إلا لزمه.
و روى محمد بن عمر عن شيوخه، و أحمد، و الطبراني عن ابن أبي حدرد بمهملات
[1] أخرجه البخاري 11/ 177 (6363)، و أحمد في المسند 3/ 159 و النسائي 8/ 274، و البيهقي 9/ 125.
[2] أخرجه البخاري في التاريخ الصغير 1/ 43، و البيهقي قي الدلائل 4/ 198.