جماع أبواب بعض أمور دارت بين رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) و بين اليهود و المنافقين و نزول صدر من سورة البقرة و غيره من القرآن في ذلك
الباب الأول في أخذ اللّه سبحانه و تعالى العهد عليهم في كتبهم أن يؤمنوا بمحمد (صلّى اللّه عليه و سلم)، إذا جاءهم، و اعتراف جماعة منهم بنبوّته، ثم كفر كثير منهم بغيا و عنادا
و ذكرت أحاديث كثيرة في أول الكتاب و أذكر ما لم أذكر هناك. قال اللّه سبحانه و تعالى يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَ أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَ إِيَّايَ فَارْهَبُونِ [البقرة 40] روى ابن إسحاق و ابن جرير و ابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما، و ابن المنذر عن ابن مسعود رضي اللّه عنه في الآية، قال اللّه تعالى للأحبار من يهود:
اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ أي من بلائي عندكم و عند آبائكم لما كان نجاهم به من فرعون و قومه: وَ أَوْفُوا بِعَهْدِي الذي أخذت في أعناقكم للنبي محمد (صلّى اللّه عليه و سلم) إذا جاءكم أُوفِ بِعَهْدِكُمْ يقول: أرض عنكم و أدخلكم الجنة. و روى ابن جرير عن أبي العالية في الآية قال: يقول: يا معشر أهل الكتاب، آمنوا بما أنزلت على محمد مصدّقا لما معكم لأنهم يجدونه عندهم مكتوبا في التوراة و الإنجيل، و لا تكونوا أوّل كافر به، و بمحمد (صلّى اللّه عليه و سلم). و روى ابن جرير عن ابن عباس رضي اللّه عنهما أنه قال: وَ لا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ [البقرة 42] أي لا تخلطوا الصّدق بالكذب وَ تَكْتُمُوا الْحَقَّ وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة 42] أي لا تكتموا الحقّ و أنتم قد علمتم أن محمدا (صلّى اللّه عليه و سلم) رسول اللّه. و روى عبد بن حميد عن قتادة قال: «لا تلبسوا اليهودية و النصرانية بالإسلام و أنتم تعلمون أن دين اللّه الإسلام، و أن اليهودية و النصرانية بدعة ليست من اللّه تعالى: وَ تَكْتُمُوا الْحَقَّ وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أنه رسول اللّه يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ الْإِنْجِيلِ، يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَ يُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ [الأعراف 157] و روى ابن جرير عن السّدّي في قوله «و تكتموا الحقّ» قال: هو محمد (صلّى اللّه عليه و سلم). و روى البيهقي عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال:
وصف اللّه محمدا في التوراة، أكحل العين، ربعة، جعد الشّعر، حسن الوجه، فلما قدم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) حسده أحبار يهود، فغيّروا صفته في كتابهم و قالوا: لا نجد نعته عندنا، و قالوا: نجد النبيّ الأمّيّ طويلا أزرق سبط الشّعر، و قالوا للسّفلة: «ليس هذا نعت النبي الذي يحرّم كذا