قوله فلما جاوزت نادى مناد: «أمضيت فريضتي و خفّفت عن عبادي»، من أقوى ما يستدلّ به على أن اللّه تبارك و تعالى كلّم نبيه (صلّى اللّه عليه و سلم) ليلة الإسراء بغير واسطة.
التنبيه السادس و المائة:
ظاهر سياق حديث شريك أن موسى هو الذي قال للنبي (صلّى اللّه عليه و سلم):
«فاهبط باسم اللّه»، لأنه ذكر عقب
قوله (صلّى اللّه عليه و سلم): «قد و اللّه استحيت من ربي مما أختلف إليه»،
قال: «فاهبط»، و ليس كذلك بل الذي قال له «اهبط باسم اللّه» جبريل، و بذلك جزم الدّاودي.
التنبيه السابع و المائة:
قال السهيلي: «فإن قيل: «كيف استباح النبي (صلّى اللّه عليه و سلم) شرب الماء الذي في القدح و هو ملك لغيره، و أملاك الكفار لم تكن أبيحت يومئذ و لا دماؤهم؟» فالجواب أن العرب في الجاهلية كان في عرف العادة عندهم إباحة اللّبن لابن السبيل فضلا عن الماء و كانوا يعهدون بذلك إلى رعاتهم و يشترطونه عليهم عند عقد إجارتهم ألّا يمنعوا [الرّسل و هو] اللّبن من أحد مرّ بهم، فكيف بالماء؟ و للحكم بالعرف في الشريعة أصول تشهد له و قد ترجم البخاري عليه في كتاب البيوع و خرّج حديث هند بنت عتبة و فيه: «خذي ما يكفيك و ولدك بالمعروف».
قلت: و ذكر أئمتنا (رحمهم اللّه تعالى) في الخصائص أنه (صلّى اللّه عليه و سلم) أبيح له الطعام و الشراب من مالكهما المحتاج إليهما إذا احتاج (صلّى اللّه عليه و سلم) إليهما فإنه يجب على صاحبهما البذل له (صلّى اللّه عليه و سلم).
قال تعالى: النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ [الأحزاب: 6].
التنبيه الثامن و المائة:
يأتي الكلام على حبس الشمس في المعجزات.
التنبيه التاسع و المائة:
قوله (صلّى اللّه عليه و سلم): «فجيء بالمسجد و أنا أنظر إليه»
إلى آخره كذا في رواية ابن عباس رضي اللّه عنهما عند الإمام أحمد و النّسائي بسند صحيح، و في رواية عبد اللّه بن الفضل عن أبي سلمة عند مسلم قال: «فسألوني عن أشياء لم أثبتها فكربت كربا لم أكرب مثله قط، فرفعه اللّه تعالى لي أنظر إليه ما يسألوني عن شيء إلا أنبأتهم به». و في رواية جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما: «فجلّى اللّه لي بيت المقدس فطفقت أخبرهم عن آياته و أنا أنظر إليه». و معنى «جلّى اللّه بيت المقدس» كشف الحجب بيني و بينه حتى رأيته، و يحتمل أن يريد أنه حمل إلى أن وضع بحيث يراه، ثم أعيد، و يؤيده رواية ابن عباس السابقة، و هذا أبلغ في المعجزات و لا استحالة في ذلك. و قد أحضر عرش بلقيس في أقل من طرفة عين. و وقع في حديث أم هانئ عند ابن سعد: «فخيّل إليّ بيت المقدس فطفقت أخبرهم عن