responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سبل الهدى و الرشاد في سيرة خير العباد نویسنده : محمد بن يوسف الصالحي الدمشقي    جلد : 3  صفحه : 152

عليه من التبليغ، فقد كان في كل مرة عازما على تبليغ ما أمر به [و قول أبي جعفر إنما كان شافعا و مراجعا ينفي النّسخ فإن النّسخ قد يكون عن سبب معلوم فشفاعته (عليه السلام) لأمته كانت سببا للنّسخ لا مبطلة لحقيقته، و لكن المنسوخ ما ذكرنا من حكم التبليغ الواجب عليه قبل النّسخ و حكم الصلوات الخمس في خاصته و أما أمته فلم ينسخ عنهم حكم [إذ] لا يتصوّر نسخ الحكم قبل وصوله إلى المأمور به. و هذا كله أحد الوجهين في الحديث.

و الوجه الثاني: أن يكون هذا خبرا لا تعبدا و إذا كان خبرا لم يدخله النّسخ، و معنى الخبر أنه (عليه السلام)، أخبره ربّه أن على أمته خمسين صلاة و معناه: أنها خمسون في اللوح المحفوظ، و كذلك قال في آخر الحديث: هي خمس، و هي خمسون و الحسنة بعشر أمثالها، فتأوله رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) على أنها خمسون بالفضل، فلم يزل يراجع ربه حتى بيّن له أنها خمسون في الثواب لا بالعمل.

التنبيه الثاني و المائة:

قد علم مما سبق جواز نسخ الفعل قبل التمكن من فعله، و أن ذلك صحيح في حقه (صلّى اللّه عليه و سلم)، و غير صحيح بالنسبة لأمته لاستحالة النّسخ قبل البلاغ إذ شرط التكليف تمكين المكلّف من العلم به، أي إذا لم يكن العلم به شرطا فإن نسخ التكليف قبل البلاغ يناقض ذلك.

و قال ابن دحية: «يصح النّسخ في حق الأمة أيضا بأن الإسلام يوجب على كل مسلم الدخول في فروعه و في شرائع الدين بتفصيلها، و كل من آمن بالنبي (صلّى اللّه عليه و سلم) في حياته دخل في الإسلام. على أن هنالك تكاليف منها ما نزّل و بيّن بكل وجه، و منها ما نزّل مجملا من وجه و مبيّنا من وجه، و منها ما لم ينزّل بعد و سينزّل، و الإيمان و الالتزام شامل للجميع. فكما يجوز نسخ التكليف بعد أن يبلّغ بخصوصية يجوز أيضا قبله. و أكثر القواعد أن ما وجب مجملا ثم بيّن في وقت الحاجة كالصلاة و الزكاة، لم يقترن بأول وجوبها ذكر أعدادها و لا إعدادها و لا أوقاتها و لا هيئاتها و لا شرائطها، بل للتكليف بها مستقر مع هذه الإجمالات، لأن المكلف بالالتزام الأول قد دخل على التزامها على ما هي عليه في نفس الأمر.

و قد قال النبي (صلّى اللّه عليه و سلم)‌ لمن سأله عن الإسلام هو «أن تشهد ألّا إله إلا اللّه و أني رسول اللّه و تقيم الصلاة المكتوبة و تؤدي الزكاة المفروضة و تصوم شهر رمضان و تحج البيت [1]».

فنجز التكليف عليه بهذه القواعد مجملة غير مبيّنة».

التنبيه الثالث و المائة:

قال ابن دحية: «إذا سمعت العلماء يتكلمون على النّسخ قبل‌


[1] أخرجه البخاري 1/ 114 (50) و مسلم 1/ 40 (7- 10).

نام کتاب : سبل الهدى و الرشاد في سيرة خير العباد نویسنده : محمد بن يوسف الصالحي الدمشقي    جلد : 3  صفحه : 152
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست