و عند الزبير بن أبي بكر: أن سهيل ابن بيضاء الفهري هو الذي مشى إليهم في ذلك، و يؤيده قول أبي طالب في قصيدته الآتية:
هم رجعوا سهل بن بيضاء راضيا
و زاد ابن سعد في الجماعة: عديّ بن قيس. و أسلم منهم هشام و زهير و سهيل و عديّ ابن قيس.
فاتّعدوا خطم الحجون ليلا بأعلى مكة، فاجتمعوا هنالك، فأجمعوا أمرهم و تعاهدوا على القيام في نقض الصحيفة حتى ينقضوها، و قال زهير: أنا أبدؤكم فأكون أول من يتكلم.
فلما أصبحوا غدوا إلى أنديتهم و غدا زهير و عليه حلّة فطاف بالبيت ثم أقبل على الناس فقال: يا أهل مكة أ نأكل الطعام و نلبس الثياب و بنو هاشم هلكى لا يباعون و لا يبتاع منهم؟ و اللَّه لا أقعد حتى تشقّ هذه الصحيفة القاطعة الظالمة.
فقال أبو جهل، و كان في ناحية المسجد: كذبت و اللَّه لا تشقّ.
قال زمعة بن الأسود: أنت و اللَّه أكذب ما رضينا كتابتها حين كتبت.
قال أبو البختريّ: صدق زمعة لا نرضى ما كتب فيها و لا نقرّ به.
قال المطعم: صدقتما و كذب من قال غير ذلك نبرأ إلى اللَّه منها و مما كتب فيها.
و قال هشام بن عمرو نحوا من ذلك.
فقال أبو جهل: هذا أمر قضي بليل تشوور فيه في غير هذا المكان.
و أبو طالب جالس في ناحية المسجد.
و قال المطعم بن عديّ إلى الصحيفة ليشقها فوجد الأرضة قد أكلتها إلا: «باسمك اللهم» كما تقدم.
قال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: إنهم مكثوا محصورين في الشّعب ثلاث سنين.
رواه أبو نعيم.
و قال محمد بن عمر الأسلمي: سألت محمد بن صالح و عبد الرحمن بن عبد العزيز:
متى خرج بنو هاشم من الشعب؟ قالا: في سنة عشر يعني من المبعث قبل الهجرة بثلاث سنين.
و قال صاعد في الفصوص: إنه (صلّى اللّه عليه و سلم) خرج من الشعب و له تسع و أربعون سنة قال ابن إسحاق: فلما مزّقت الصحيفة و بطل ما فيها قال أبو طالب فيما كان من أمر أولئك النفر الذين قاموا في نقضها يمدحهم: