و قد أوردها ابن إسحاق و أبو هفّان عبد اللَّه بن أحمد المهزمي في جمعه لشعر أبي طالب بكماله و زاد على ابن إسحاق أبياتا كثيرة في أماكن متعددة، و قد أوردت هنا خلاصة ما ذكراه و هي:
خليليّ ما أذني لأوّل عاذل* * * بصغواء في حقّ و لا عند باطل
خليليّ إنّ الرّأي ليس بشركة* * * و لا نهنه عند الأمور البلابل
و لمّا رأيت القوم لا ودّ عندهم* * * و قد قطعوا كلّ العرى و الوسائل
قد صارحونا بالعداوة و الأذى* * * و قد طاوعوا أمر العدوّ المزايل
و قد حالفوا قوما علينا أظنّة* * * يعضّون غيظا خلفنا بالأنامل
صبرت لهم نفسي بسمراء سمحة* * * و أبيض عضب من تراث المقاول
و أحضرت عند البيت رهطي و إخوتي* * * و أمسكت من أثوابه بالوصائل
قياما معا مستقبلين رتاجه* * * لدى حيث يقضي خلفه كلّ نافل
أعوذ بربّ النّاس من كلّ طاعن* * * علينا بسوء أو ملحّ بباطل
و من كاشح يسعى لنا بمعيبة* * * و من ملحق في الدّين ما لم نحاول
و ثور و من أرسى ثبيرا مكانه* * * وراق ليرقى حراء و نازل
و بالبيت حقّ البيت من بطن مكّة* * * و باللَّه إنَّ اللَّه ليس بغافل
و بالحجر الأسود إذ يمسحونه* * * إذا اكتنفوه بالضّحى و الأصائل
و موطئ إبراهيم في الصّخر رطبة* * * على قدميه حافيا غير ناعل
و من حجّ بيت اللَّه من كلّ راكب* * * و من كلّ ذيّ نذر و من كلّ راجل
فهل بعد هذا من معاذ لعائذ* * * و هل من معيذ يتّقي اللَّه عاذل
يطاع بنا العديى و ودّوا لو أنّنا* * * تسدّ بنا أبواب ترك و كابل
كذبتم و بيت اللَّه نترك مكّة* * * و نظعن إلّا أمركم في بلابل
كذبتم و بيت اللَّه نبزى محمّدا* * * و لمّا نطاعن حوله و نناضل
و نسلمه حتّى نصرّع حوله* * * و نذهل عن أبنائنا و الحلائل
و ينهض قوم في الحديد إليكم* * * نهوض الرّوايا تحت ذات الصّلاصل
و حتّى نرى ذا الضّغن يركب ردعه* * * من الطّعن فعل الأنكب المتحامل
إنّا لعمر اللَّه إن جدّ ما أرى* * * لتلتبسن أسيافنا بالأماثل
بكفّي فتى مثل الشّهاب سميدع* * * أخي ثقة حامي الحقيقة باسل
و ما ترك قوم لا أبالك سيّدا* * * يحوط الذّمار غير ذرب مواكل