يا أبا طالب هذا منعت ابن أخيك محمدا فمالك و لصاحبنا تمنعه؟ فقال: إنه استجار بي و هو ابن أختي و إن أنا لم أمنع ابن أختي لم أمنع ابن أخي. فقام أبو لهب فقال: يا معشر قريش و اللَّه لقد أكثرتم على هذا الشيخ ما تزالون توثّبون عليه في جواره من بين قومه، و اللَّه لتنتهن عنه أو لنقومن معه في كل ما قام فيه حتى يبلغ ما أراد. قالوا: بل ننصرف عما تكره يا أبا عتبة. و كان لهم وليّا و ناصرا على رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) فأبقوا على ذلك.
فطمع فيه أبو طالب حين سمعه يقول ما يقول و رجا أن يقوم معه في شأن رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) فقال أبو طالب يحرّض أبا لهب على نصرته و نصرة رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم):
إنّ امرءا أبو عتيبة عمّه* * * لفي روضة ما إن يسام المظالما
أقول له و أين منه نصيحتي* * * أبا معتب ثبّت سوادك قائما
و لا تقبلنّ الدّهر ما عشت خطّة* * * تسبّ بها إمّا هبطت المواسما
و ولّ سبيل العجز غيرك منهم* * * فإنّك لم تخلق على العجز لازما
و حارب فإنّ الحرب نصف و لن ترى* * * أخا الحرب يعطي الخسف حتّى يسالما
و كيف و لم يجنوا عليك عظيمة* * * و لم يخذلوك غانما أو مغارما
جزى اللَّه عنّا عبد شمس و نوفلا* * * جماعتنا كيما ينالوا المحارما
كذبتم و بيت اللَّه نبزى محمّدا* * * و لمّا تروا يوما لدى الشّعب قائما
الأول: ظاهر كلام ابن إسحاق أن رجوع من هاجر إلى الحبشة كان بعد أن صار المسلمون هناك زيادة على الثمانين، فإنه بعد أن ذكر خروج أصحاب الهجرة الأولى ذكر خروج جعفر و أصحابه، ثم ذكر بعد ذلك أن المهاجرين إلى الحبشة بلغهم إسلام أهل مكة فأقبلوا لمّا بلغهم ذلك. فذكر نحو ما تقدم، و أن الراجعين: عثمان بن عفان، و أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة، و امرأته سهلة بنت سهيل، و عبد الله بن جحش، و عتبة بن غزوان، و الزبير بن العّوام، و مصعب بن عمير، و سويبط بن سعد، و طليب بن عمرو، و عبد الرحمن بن عوف، و عبد الله بن مسعود، و أبو سلمة بن عبد الأسد، و امرأته أم سلمة، و شمّاس بن عثمان، و سلمة بن هشام بن المغيرة حبسه عمّه بمكة فلم يقدم إلا بعد بدر و أحد و الخندق، و عيّاش بن أبي ربيعة، و عمار بن ياسر- شكّ فيه أ كان خرج- و معتّب بن عوف، و عثمان بن مظعون، و ابنه السائب بن عثمان، و أخوا عثمان: قدامة و عبد الله، و خنيس بن حذافة،