قال البلاذري: و كان يقال لها فيما ذكر أبو البختريّ: لبيبة، أسلمت قبل إسلام عمر بن الخطاب فكان عمر يعذّبها حتى يفتر فيدعها ثم يقول: أما إني أعتذر إليك بأني لم أعدك إلا سآمة فتقول: كذلك يعذبك ربك إن لم تسلم.
و روى ابن سعد عن حسان قال: قدمت مكة معتمرا و النبي (صلّى اللّه عليه و سلم) و أصحابه يؤذون و يعذّبون، فوقفت على عمر و هو متوزر يخنق جارية بني عمرو بن المؤمل حتى تسترخي في يديه فأقول قد ماتت. فاشتراها أبو بكر فأعتقها.
و منهم زنّيرة- بزاي فنون مشددة مكسورتين فمثناة تحتية ساكنة و هي في اللغة الحصاة الصغيرة و يروي: زنبرة بزاي مفتوحة فنون ساكنة فباء موحدة- الرومية كان عمر بن الخطاب و أبو جهل يعذّبانها.
قال البلاذري: قالوا و كان أبو جهل يقول ألا تعجبون لهؤلاء و اتباعهم محمدا؟ فلو كان ما أتى به محمد خيرا و حقا ما سبقونا إليه أ فسبقتنا زنّيرة إلى رشد و هي من ترون. و كانت زنيرة قد عذّبت حتى عميت فقال لها أبو جهل: إن اللات و العزّى فعلتا بك ما ترين. فقالت، و هي لا تبصر: و ما تدري اللات و العزى من يعبدهما، و لكن هذا أمر من السماء و ربيّ قادر على أن يرد بصري. فأصبحت تلك الليلة و قد رد اللَّه بصرها، فقالت قريش: هذا من سحر محمد فاشتراها أبو بكر رضي اللَّه تعالى عنه فأعتقها.
و منهم أم عنيس- بعين مهملة مضمومة فنون فمثناة تحتية فسين مهملة- و يقال عبيس بباء موحدة فمثناة تحتية. أمة لبنى زهرة، و كان الأسود بن عبد يغوث يعذبها فابتاعها أبو بكر.
و منهم النّهدية و ابنتها. و كانت مولّدة لبني نهد بن زيد فصارت لامرأة من بني عبد الدار فكانت تعذبهما و تقول: و اللَّه لا أقلعت عنكما أو يعتقكما بعض من صبأ بكما. فمر بهما أبو بكر رضي اللَّه عنه و قد بعثتهما في طحين لها و هي تقول: و اللَّه لا أعتقكما أبدا فقال: حل يا أم فلان فقالت حل أنت و اللَّه أفسدتهما فأعتقهما. قال: فبكم هما؟ قالت: بكذا و كذا. قال: قد أخذتهما به و هما حرّتان أرجعا إليها طحينها قالتا: أو نفرغ منه يا أبا بكر ثم نرده إليها قال: أو ذاكما إن شئتما.
و منهم أم بلال حمامة. ذكرها أبو عمر في الدّرر فيمن كان يعذّب في اللَّه فاشتراها أبو بكر و أعتقها. و أهملها أبو عمر في الاستيعاب و استدركوها على الاستيعاب.
و الحاصل مما تقدم: أن أبا بكر رضي اللَّه عنه اشترى جماعة ممن كان يعذب في اللَّه تعالى، و هم بلال و أمه و عامر بن فهيرة و أبو فكيهة و جارية بني المؤمل و النهدية و ابنتها و زنّيرة.