ثم قال رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم): يا بني عبد المطلب إني و اللَّه ما أعلم شابّا من العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به إني قد جئتكم بأمر الدنيا و الآخرة.
و روى ابن سعد و البيهقي و أبو نعيم عن علي و أبو نعيم عن البراء بن عازب رضي اللَّه تعالى عنهم قال: لما نزلت: وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَعلى رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) قال: يا علي اصنع لنا رجل شاة على صاع من طعام. و في رواية: مدّ. و أعدّ لنا عسّ لبن ثم اجمع بني عبد المطلب.
قال عليّ: ففعلت، فاجتمعوا له و هو يومئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصونه، منهم أعمامه أبو طالب و حمزة و العباس و أبو لهب، فقدّمت إليهم تلك الجفنة، فأخذ رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) منها حذية فشقّها بأسنانه ثم رمى بها في نواحيها و قال: كلوا باسم اللَّه. فأكل القوم حتى نهلوا عنه ما ترى إلا آثار أصابعهم، و اللَّه إن كان الرجل الواحد ليأكل مثل ما قدّمت لجميعهم. ثم قال: اسق القوم، فجئتهم بذلك العسّ فشربوا حتى رووا جميعا، و اللَّه إن كان الرجل الواحد منهم ليشرب مثله. و في رواية من يأكل المسنّة و يشرب العسّ.
فلما أراد رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) أن يكلمهم بدره أبو لهب إلى الكلام فقال: لهدّ ما سحركم صاحبكم. فتفرقوا و لم يكلّمهم رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم).
فلما كان الغد قال يا عليّ عد لنا بمثل الذي صنعت بالأمس من الطعام و الشراب ففعلت ثم جمعتهم إليه فصنع رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) كما صنع بالأمس فأكلوا و شربوا حتى نهلوا، ثم قال رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم): يا بني عبد المطلب، و اللَّه ما أعلم شابّا من العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به، إني قد جئتكم بأمر الدنيا و الآخرة. ثم قال: من يؤازرني على ما أنا عليه؟ قال علي:
فقلت: أنا يا رسول اللَّه و إني أحدثهم سنّا و سكت القوم. ثم قالوا: يا أبا طالب ألا ترى ابنك.