responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سبل الهدى و الرشاد في سيرة خير العباد نویسنده : محمد بن يوسف الصالحي الدمشقي    جلد : 2  صفحه : 238

النبوة و تنبيه من تنبيهاتها لمشتركي العقول على ثبوت النبوة، لأن النبي إنما سمي نبيا لأنه ينبئ عن الغيب الذي لا تستقل العقول بإدراكه.

و قال ابن أبي جمرة (رحمه اللّه تعالى): إنما شبّهت رؤياه بفلق الصبح دون غيره، لأن شمس النبوة قد كانت الرؤيا مبادئ أنوارها، فما زال ذلك النور يتّسع حتى أشرقت الشمس و تمّ نورها، فمن كان باطنه نوريّا كان في التصديق كأبي بكر الصديق، و من كان باطنه مظلما كان في التكذيب خفّاشا كأبي جهل، و بقية الناس بين هاتين المنزلتين، كلّ منهم بقدر ما أعطي من النور.

الثالث: قال الخطّابي (رحمه اللّه تعالى): هذه الأمور التي كان النبي (صلّى اللّه عليه و سلم) قد بدئ بها من صدق الرؤيا و حب العزلة عن الناس و الخلوة في غار حراء و التعبّد فيه و مواظبته عليه الليالي ذوات العاد إنما هي أسباب و مقدّمات أرهصت لنبوّته و جعلت مبادئ لظهورها، و الخلوة يكون معها فراغ القلب و هي معينة على الفكر و مقطع لدعاوى الشّغل، و البشر لا ينفك عن طباعه و لا يترك مألوفه من عاداته إلا بالرياضة البليغة و المعالجة الشديدة، فلطف اللَّه تعالى بينه محمد (صلّى اللّه عليه و سلم) في بادية أمره فحبّب إليه الخلوة و قطعه عن مخالطة البشر، ليتناسى المألوف من عاداتهم و يستمر على هجران ما لا يحمد من أخلاقهم و ألزمه شعار التقوى و أقامه في مقام التعبد بين يديه ليخشع قلبه و تلين عريكته لورود الوحي فيجد منه مرادا سهلا و لا يصادفه حزنا وعرا، فجعلت هذه الأسباب مقدّمات لما أرصد له من هذا الشأن ليرتاض بها و يستعدّ لما ندب إليه، ثم جاءه التوفيق و التبشير و أخذه بالقوة الإلهية، فجبرت منه النقائص البشرية و جمعت له الفضائل النبوية.

و قال غيره: من فوائد خلوة نفسه ما ألهمه اللَّه تعالى قبل ظهور الملك له و مخاطبته لما أراده اللَّه تعالى من صدوفه عن متعبّدات قريش و عزوب نفسه الشريفة عن قرب أرجاس الأصنام و تبرّيه منه و بغضه لها و إقباله على التحنث و هو فعل البرّ و القرب.

الرابع: قال ابن أبي جمرة (رحمه اللّه تعالى): الحكمة في تخصيصه (صلّى اللّه عليه و سلم) التخلي بغار حراء، أن المقيم فيه كان يمكنه رؤية الكعبة فيجتمع لمن يخلو فيه ثلاث عبادات: الخلوة و التعبد و النظر إلى البيت.

و قال الحافظ و كانت قريش تفعله كما كانت تصوم عاشوراء و إنما لم ينازعوا النبيّ (صلّى اللّه عليه و سلم) في غار حراء مع مزيد الفضل فيه على غيره لأن جدّه عبد المطلب أول من كان يخلو فيه من قريش و كانوا يعظّمونه لجلالته و كبر سنه، فتبعه على ذلك من كان يتألّه، فكان النبي (صلّى اللّه عليه و سلم) يخلو مكان جده فسلّم له ذلك أعمامه لكرامته عليهم.

نام کتاب : سبل الهدى و الرشاد في سيرة خير العباد نویسنده : محمد بن يوسف الصالحي الدمشقي    جلد : 2  صفحه : 238
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست