أمير المؤمنين! لقد خلت فىّ و استقبلتني بأمر ما أراك قلته لأحد من رعيّتك منذ وليت ما وليت.
فقال عمر: اللَّهم غفرا قد كنا في الجاهلية على شرّ من هذا، نعبد الأصنام و الأوثان حتى أكرمنا اللَّه تعالى برسوله و بالإسلام. قال: نعم يا أمير المؤمنين كنت كاهنا في الجاهلية.
قال: فأخبرني ما جاءك به صاحبك.
قال: جاءني قبيل الإسلام بشهر أو شيعه. انتهى.
و قال سواد بن قارب [1]: بينا أنا ذات ليلة بين النائم و اليقظان إذ أتاني رئي فضربني برجله و قال: قم يا سواد بن قارب أتاك رسول من لؤي بن غالب، يدعو إلى اللَّه و إلى عبادته.
فرفعت رأسي و جلست فأدبر و هو يقول:
عجبت للجنّ و تطلابها* * * و شدّها العيس بأقتابها
تهوي إلى مكّة تبغي الهدى* * * ما صادق الجنّ ككذّابها
فارحل إلى الصّفوة من هاشم* * * ليس قداماها كأدبارها
قال: فلما كانت الليلة الثانية أتاني فضربني برجله و قال: قم يا سواد بن قارب فاسمع مقالتي و اعقل إن كنت تعقل، إنه قد بعث رسول من لؤي بن غالب يدعو إلى اللَّه و إلى عبادته ثم أنشأ يقول:
عجبت للجنّ و أخبارها* * * و رحلها العيس بأكوارها
تهوي إلى مكّة تبغي الهدى* * * ليس ذوو الشّرّ كأخيارها
فأرحل إلى الصّفوة من هاشم* * * ما مؤمنو الجنّ ككفّارها