أنه (صلّى اللّه عليه و سلم) قال: «أنا أفصح من نطق بالضاد»
[1] فقال الحافظ عماد الدين ابن كثير- و تابعه تلميذه الزركشي- و ابن الجوزي و الشيخ و السخاويّ: إنه لا أصل له و معناه صحيح، و المعنى أنه (صلّى اللّه عليه و سلم) أفصح العرب لكونهم هم الذين ينطقون بها و لا توجد في لغة غيرهم.
الثاني: في شرح غريب ما سبق:
قول القاضي (رحمه اللّه تعالى) «سلاسة طبع»: قال العلامة شمس الدين الدّلجي في شرحه على «الشّفا»- و هو فرد في بابه- نصب سلاسة بنزع الخافض أي مع أو بسهولة جبلّة و انقياد طبيعة.
براعة منزع: أي و منزعا بارعا، من برع الرجل بفتح رائه و ضمها، أي فاق أقرانه، و المنزع- بفتح أوله و ثالثه: المأخذ.
و إيجاز مقطع: أي و مقطعا موجزا، من أوجز: أتى بكلام قلّ لفظه و كثرت معانيه.
و المقطع- بفتح ميمه و طائه: تمام الكلام.
و نصاعة لفظ: أي و لفظا ناصعا- أي خالصا من شوائب تنافر الحروف و غرابة الألفاظ و مخالفة القياس.
و جزالة قول: أي قولا جزلا سالما من شوائب الرّكّة و ضعف التأليف قد نسجت حبره على منوال تراكيب العربية.
و صحة معان: أي و معان صحيحة لا يتطرق إلى ألفاظها احتمال غير لائق.
و قلّة تكلّف: لو قال: و عدم تكلف كان أليق و أحسن.
أوتي جوامع الكلم: كالمؤكّد لما قبله أو البدل منه و من ثم فصله عنه، لأن من جبلت طبيعته على ما ذكر من الملكات فجدير أن يجوز الكلم الجوامع، جمع جامعة للمعاني الكثيرة.
و خصّ ببدائع الحكم: جمع حكمة و هي هنا كمال العلم و إتقان العمل. أي و بالحكمة البديعة، و من أبدع إذا أتى بشيء بديع مخترع غير مسبوق بمادة و زمان، و يقابله التكوين لكونه مسبوقا بمادّة، و الإحداث لكونه مسبوقا بزمان.
[1] أخرجه الفتني في التذكرة (87) و ملا علي القاري في الأسرار المرفوعة (246) و قال: معناه صحيح، و لكن لا أصل له في مبناه كما قاله ابن كثير. [انظر البداية و النهاية 2/ 277].