لقد صليت مع رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- قبل البيت فاستداروا.
قال رافع بن خديج: و أتاني آت و نحن نصلي في بني عبد الأشهل فقال: إن رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- قد أمر أن يوجه إلى الكعبة فأدارنا إمامنا إلى الكعبة، و درنا معه.
و قال ابن عمر: بينا الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آت فقال: إن رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- قد أنزل عليه الليلة قرآن و قد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها، و كانت وجوههم إلى الشّام فاستداروا إلى الكعبة، و كانت اليهود قد أعجبهم إذ كان يصلي قبل بيت المقدس و أهل الكتاب، فلما ولى وجهه قبل البيت أنكروا ذلك، فقال المنافقون: حنّ محمد إلى أرضه، و قال المشركون: أراد محمد أن يجعلنا قبلة له و وسيلة، و عرف أن ديننا أهدى من دينه، و قالت اليهود للمؤمنين: ما صرفكم عن قبلة موسى و يعقوب و الأنبياء إن أنتم إلا تفتنون، و قال المؤمنون: [فيمن مضى من إخوانهم المسلمين و هم يصلون نحو بيت المقدس بطلت أعمالنا و أعمالهم و ضاعت].
و أتى رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- رفاعة بن قيس و قردم بن عمرو و كعب بن الأشرف و رافع بن أبي رافع و الحجاج بن عمرو حليف كعب بن الأشرف، و الربيع بن أبي الحقيق و كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق، فقالوا: يا محمد ما ولاك عن قبلتك التي كنت عليها، و أنت تزعم أنك على ملة إبراهيم و دينه، فارجع إلى قبلتك التي كنت عليها نتبعك و نصدقك، و إنما يريدون فتنة فأنزل اللّه تعالى سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها إلى قوله: فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ [البقرة 147].
تنبيهات
الأول: اختلف أي صلاة كانت ذلك؟ ففي الصحيح عن [البراء] أن أوّل صلاة صلاها- أي متوجها- صلاة العصر.
و الأكثر على أنها صلاة الظهر.
قال الحافظ: و التحقيق أن أول صلاة صلاها في بني سلمة الظهر، و أول صلاة صلاها بالمسجد النبوي العصر.
الثاني: قال الحافظ: طريق الجمع بين رواية ستة عشر و سبعة عشر شهرا و رواية الشك في ذلك، أن من جزم ستة عشر لفق من شهر التحويل و شهر القدوم شهرا و ألغى الأيام الزائدة، و من جزم بسبعة عشرة شهرا عدهما معا، و من شك تردد في ذلك، و ذلك أن القدوم كان في شهر ربيع الأوّل بلا خلاف، و كان التحويل في نصف رجب من السنة الثانية على الصحيح،