جماع أبواب زيارته- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- بعد موته و فضلها
الباب الأول في فضل زيارته- (صلّى اللّه عليه و سلّم)-
قال القاضي عياض في «الشفاء» و زيارة قبره- (صلّى اللّه عليه و سلّم)-: سنّة من سنن المرسلين [مجمع عليها] [1] و فضيلة مرغب فيها.
و إذا قرب من المدينة فلينزل عن راحلته و يكفي زائره شرفا
قوله- (صلّى اللّه عليه و سلّم)-: «من زارني بعد وفاتي فكأنما زارني في حياتي، و من زارني وجبت له شفاعتي».
قال ابن الرشيد و الإمام العلامة: لما قدمنا المدينة الشريفة في سنة أربع و ثمانين و ستمائة كان معي رفيقي الوزير أبو عبد الله بن أبي القاسم بن الحكيم و كان أرمد فلما وصلنا دار الخليفة و نحوها نزلنا عن الأكوار و قوى الشوق لقرب المزار فنزل و بادر إلى المشي على قدميه احتسابا بتلك الآثار و إعظاما لمن حل بتلك الديار فأحس بالشفاء في نفسه فأنشد فيّ نفسه لوصف الحال:
و لمّا رأينا من ربوع حبيبنا* * * بيثرب أعلاما أثرن لنا الحبا
و بالقرب منها إذ كحلنا عيوننا* * * شفينا فلا بأسا نخاف و لا كربا
و حين تبدّى للعيون جمالها* * * و من بعدها عنّا أزيلت لنا قربا
نزلنا على الأكوار نمشي كرامة* * * لمن حلّ فيها أن يلمّ بها ركبا
فسحّ سجال الدّمع في عرصاته* * * و تلثّم من حبّ لواطئه التّربا
و إنّ بقائي دونه لخسارة* * * و لو أنّ كفى تملك الشّرق و الغربا
فيا عجبا ممّن يحبّ بزعمه* * * يقيم مع الدّعوى و يستعمل الكذبا
و زلّات مثلي لا تعدّد كثرة* * * و بعدي عن المختار أعظمها ذنبا
و حكى عن بعضهم أنه لما أشرف على المدينة الشريفة أنشد متمثلا:
رفع الحجاب لنا فلاح لناظري* * * قمر تقطّع دونه الأوهام