و روى أبو الشيخ عن شيخه عبد الرحمن بن أحمد الأعرج: حدثنا الحسن بن صباح: «من لم يوص لم يؤذن له في الكلام مع الموتى»، قيل: يا رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- و هل تتكلم الموتى؟ قال: «نعم و يتزاورون».
و روى ابن حبان: في «المجروحين» من طريق الحسن بن يحيى الخشنيّ عن أنس- رضي اللّه تعالى عنه- قال: قال رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)-: «ما من نبيّ يموت فيقيم في قبره إلا أربعين صباحا حتى ترد إليه روحه»
الحسن ضعفه الأكثر و قال دحيم: لا بأس به.
و قال أبو حاتم: صدوق سيّء الحفظ و وثّقه ابن معين في رواية ابن أبي مريم.
و قال أبو داود: لا بأس به.
و قال الشيخ في تهذيب موضوعات ابن الجوزي: لهذا الحديث شواهد يرتقى بها إلى درجة الحسن.
قال البيهقي: فعلى هذا يصيرون كسائر الأحياء يكونون حيث ينزلهم اللّه تعالى.
تنبيهات
الأوّل: قال السّيّد نور الدّين السمهوديّ في «تاريخ المدينة»: و إن صح ما قاله ابن المسيب فالقبر الشريف له به علاقة روحانية و له نسبة إليه مع أنّا قطعنا بوصفه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- به فنستصحبه حتى يقوم قاطع على خلافه و ساق ما أخبر به سعيد بن المسيب من سماعه الأذان و الإقامة من القبر أيام الحرّة مع أنه قد جاء عن غير ابن المسيب ما يقتضي الاستمرار، فقد قال عثمان بن عفان أيام حصاره: لن أفارق دار هجرتي و مجاورة رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- فيها.
و روى ابن عساكر بسند جيّد عن بلال أنه لما نزل ب «داريا» من أرض الشام رأى النبي- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- و هو يقول: ما هذه الجفوة يا بلال؟ أما إنّ لك أن تزورني فانتبه حزينا خائفا، فركب راحلته و قصد المدينة فأتى قبر النبي- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- فجعل يبكي و يمرغ وجهه عليه فأقبل الحسن و الحسين فجعل يضمهما و يقبلهما، فقالا: نشتهي نسمع أذانك الذي كنت تؤذّن به لرسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- في المسجد فعلا سطح المسجد و وقف موقفه الذي كان يقف فيه فلمّا أن قال:
اللّه أكبر، ارتجّت المدينة فلما أن قال:
أشهد أن لا إله إلا اللّه ازدادت رجّتها، فلمّا أن قال: أشهد أن محمدا رسول اللّه، خرجت العواتق من خدورهنّ، و قالوا: بعث رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- فما رئي يوم أكثر باكيا و لا باكية بالمدينة بعد رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- من ذلك اليوم.