responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سبل الهدى و الرشاد في سيرة خير العباد نویسنده : محمد بن يوسف الصالحي الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 3

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‌

في جماع أبواب ما يخصه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- من الأمور الدنيوية و ما يطرأ عليه من العوارض البشرية و كذا سائر الأنبياء

الباب الأول في حاله في جسمه (صلّى اللّه عليه و سلّم)‌

قال القاضي: فيما يخصّهم في الأمور الدنيوية و يطرأ عليهم من العوارض البشرية قد قدّمنا أنه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- و سائر الأنبياء و الرسل من البشر، و أنّ جسمه و ظاهره خالص للبشر، يجوز عليه من الآفات و التغييرات، و الآلام و الأسقام، و تجرّع كأس الحمام ما يجوز على البشر، و هذا كلّه ليس بنقيصة فيه، لأنّ الشي‌ء، إنما يسمّى ناقصا بالإضافة إلى ما هو أتمّ منه و أكمل من نوعه، و قد كتب اللّه تعالى على أهل هذه الدار: فيها تحيون، و فيها تموتون، و منها تخرجون، و خلق جميع البشر بمدرجة الغير، فقد مرض (صلّى اللّه عليه و سلّم)، و اشتكى، و أصابه الحرّ و القرّ، و أدركه الجوع و العطش، و لحقه الغضب و الضّجر، و ناله الإعياء و التّعب، و مسّه الضّعف و الكبر، و سقط فجحش شقّه، و شجّه الكفّار، و كسروا رباعيته، و سقي السمّ، و سحر، و تداوى، و احتجم، و تنشّر و تعوّذ، ثم قضى نحبه فتوفّي (صلّى اللّه عليه و سلّم)، و لحق بالرفيق الأعلى، و تخلّص من دار الامتحان و البلوى، و هذه سمات البشّر التي لا محيص عنها، و أصاب غيره من الأنبياء ما هو أعظم منه، فقتلوا قتلا. و رموا في النار، و وشروا بالمياشير. و منهم من وقاه اللّه ذلك في بعض الأوقات. و منهم من عصمه كما عصم بعد نبيّنا من الناس، فلئن لم يكف نبيّنا ربّه يد ابن قميئة يوم أحد، و لا حجبه عن عيون عداه عند دعوته أهل الطائف، فلقد أخذ على عيون قريش عند خروجه إلى ثور، و أمسك عنه سيف غورث، و حجر أبي جهل، و فرس سراقة، و لئن لم يقه من سحر ابن الأعصم فلقد وقاه ما هو أعظم، من سمّ اليهودية.

و هكذا سائر أنبيائه مبتلى و معافى، و ذلك من حكمته، ليظهر شرفهم في هذه المقامات، و يبيّن أمرهم، و يتمّ كلمته فيهم، و ليحقّق بامتحانهم بشريّتهم، و يرتفع الالتباس عن أهل الضّعف فيهم لئلا يضلّوا بما يظهر من العجائب على أديهم ضلال النصارى بعيسى ابن مريم، و ليكون في محنهم تسلية لأممهم، و وفور لأجورهم عند ربهم تماما على الّذي أحسن إليهم.

نام کتاب : سبل الهدى و الرشاد في سيرة خير العباد نویسنده : محمد بن يوسف الصالحي الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 3
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست