responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سبل الهدى و الرشاد في سيرة خير العباد نویسنده : محمد بن يوسف الصالحي الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 27

الباب الثالث في بيان ما هو في حقه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- سب من الكافر

قال القاضي: [فأمّا الذّمّي إذا صرّح بسبّه أو عرّض، أو استخفّ بقدره، أو وصفه بغير الوجه الذي كفر به- فلا خلاف عندنا في قتله إن لم يسلم، لأنّا لم نعطه الذمّة أو العهد على هذا، و هو قول عامة الفقهاء، إلا أبا حنيفة و الثوريّ و أتباعهما من أهل الكوفة، فإنهم قالوا: لا يقتل، ما هو عليه من الشّرك أعظم، و لكن يؤدب و يعزّر.

و استدلّ بعض شيوخنا على قتله بقوله تعالى: وَ إِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَ طَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ، إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ‌.

و يستدلّ عليه أيضا بقتل النبيّ (صلّى اللّه عليه و سلّم) لابن الأشرف و أشباهه، و لأنّا لم نعاهدهم، و لم نعطهم الذّمّة على هذا، و لا يجوز لنا أن نفعل ذلك معهم، فإذا أتوا ما لم يعطوا عليه العهد و لا الذمّة فقد نقضوا ذمّتهم، و صاروا كفارا يقتلون لكفرهم.

و أيضا فإنّ ذمّتهم لا تسقط حدود الإسلام عنهم، من القطع في سرقة أموالهم، و القتل لمن قتلوه منهم، و إن كان ذلك حلالا عندهم فكذلك سبّهم للنبيّ (صلّى اللّه عليه و سلّم) يقتلون به.

و وردت لأصحابنا ظواهر تقتضي الخلاف إذا ذكره الذميّ بالوجه الذي كفر به، ستقف عليها من كلام ابن القاسم و ابن سحنون بعد.

و حكى أبو المصعب الخلاف فيها عن أصحابه المدنيين.

و اختلفوا إذا سبّه ثم أسلم، فقيل: يسقط إسلامه قتله، لأن الإسلام يجبّ ما قبله، بخلاف المسلم إذا سبّه ثم تاب، لأنّا نعلم باطنة الكافر في بغضه له، و تنقّصه بقلبه، لكنّا منعناه من إظهاره، فلم يزدنا ما أظهره إلا مخالفة للأمر، و نقضا للعهد، فإذا رجع عن دينه الأول إلى الإسلام سقط ما قبله، قال اللّه تعالى: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ‌.

و المسلم بخلافه، إذ كان ظنّنا بباطنه حكم ظاهره، و خلاف ما بدا منه الآن، فلم نقبل بعد رجوعه، و لا استنمنا إلى باطنه، إذ قد بدت سرائره، و ما ثبت عليه من الأحكام باقية عليه لا يسقطها شي‌ء.

و قيل: لا يسقط إسلام الذميّ السابّ قتله، لأنه حقّ للنبيّ (صلّى اللّه عليه و سلّم) وجب عليه، لانتهاكه حرمته، و قصده إلحاق النّقيصة و المعرّة به، فلم يكن رجوعه إلى الإسلام بالذي يسقطه، كما وجب عليه من حقوق المسلمين من قبل إسلامه من قتل و قذف، و إذا كنّا لا نقبل توبة المسلم فإنّا لا نقبل توبة الكافر أولى.

نام کتاب : سبل الهدى و الرشاد في سيرة خير العباد نویسنده : محمد بن يوسف الصالحي الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 27
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست