و روى أبو نعيم في الطب عن سلمى و كانت خادمة رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- قالت: كان النبي- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- إذا اشتكى أحد منّا رجله فقال: «اذهب فاخضبها بالحنّاء»
و في لفظ: قال: كنت أخدم النبي- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- فما كانت تصيبه قرحة و لا نكبة ألّا أمرني أن أضع عليها الحنّاء.
الباب التاسع و الأربعون في علاجه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- الخراج و الحكة و نحوهما
روى ابن عساكر و الخرائطيّ في مكارم الأخلاق عن أسماء بنت أبي بكر- رضي اللّه تعالى عنهما- قالت: خرج في عنقي خرّاج فتخوّفت منه، فسألت النبي- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- فقال: ضعي يدك عليه ثم قولي ثلاث مرات: «بسم اللّه، اللّهمّ أذهب عنّي شرّ ما أجد بدعوة نبيك الطيب المبارك، المكين عندك بسم اللّه»
و روى أبو نعيم في الطب عن أنس- رضي اللّه تعالى عنه- أن النبي- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- رخّص لعبد الرحمن بن عوف و الزبير في قميص من حرير، من حكة كانت بجلدهما.
تنبيهات
الأوّل: قد تقدم أنه- (عليه الصلاة و السلام)- أرخص لبس الحرير للقمل، فيحتمل أن تكون العلتان بإحدى الرجلين، أو أنّ الحكّة حصلت من القمل فنسب العلة تارة إلى السّبب، و تارة إلى المسبّب.
الثاني: قال النووي: هذا الحديث صريح في الدلالة بمذهب الشافعي و مرافقيه، أنه يجوز لبس الحرير للرجل إذا كانت به حكّة، لما فيه من البرودة، و كذا للقمل، و ما في معنى ذلك، و قال مالك: لا يجوز و تعقب قوله لما فيه من البرودة فإن الحرير حار، و الصواب أن الحكة فيه لخاصية فيه تدفع الحكّة.
و قال ابن القيم: و إذا اتخذ منه ملبوس كان معتدل الحرارة في مزاجه مسخنا للبدن، و قال الرّازي: الإبريسم أسخن من الكتّان، و أبرد من القطن يربي اللّحم، و كل لباس حسن، فإنه يهزل و يصلب البشرة، فملابس الأوبار و الأصواف تسخن و تدفئ، و ملابس الكتان و الحرير و القطن تدفي و لا تسخن، فثياب الكتان باردة يابسة، و ثياب الصوف حارة يابسة، و ثياب القطن معتدلة الحرارة، و ثياب الحرير ألين من القطن و أقل حرارة منه، و لما كانت ثياب الحرير كذلك و ليس فيها شيء من اليبس و الخشونة الكائنين في غيرها صارت نافعة من الحكّة.