و الزمان و الغذاء المألوف و التدبير و قوة الطبيعة، و على أن الإسهال يحدث من [أنواع منها الهيضة التي تنشأ عن تخمة، و اتفقوا على أن علاجها بترك] [1] الطبيعة و فعلها، فإن احتاجت إلى مسهل أعينت ما دام بالعليل قوة، فكأن هذا الرجل استطلق بطنه من تخمة أصابته فوصفه له النبي- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- لدفع الفضول المجتمعة في نواحي المعدة و الأمعاء لما من العسل من الجلاء و دفع الفضول التي تصيب المعدة من أخلاط لزجة تمنع من استقرار الغذاء فيها، و للمعدة خمل كخمل المنشفة، فإذا علقت بها الأخلاط اللزجة أفسدتها و أفسدت الغذاء الواصل إليها فكان دواؤها باستعمال ما يجلو تلك الأخلاط، و لا شيء في ذلك مثل العسل، لا سيما إن مزج بالماء الحار و إنما لم يفده من أول مرة، لأن الدواء يجب أن يكون له مقدار و كمية بحسب الداء، إن قصر عنه لم يدفعه بالكلية و إن جاوزه أوهى القوة، و أحدث ضررا آخر، فكأنه شرب منه أولا مقدارا لا يفي بمقاومة الداء، فأمره بمعاودة سقيه، فلما تكررت الشربات بحسب مادة الداء برأ بإذن الله تعالى.
تنبيه: في بيان غريب ما سبق:
«فليجأهن» أي: «فليذوقهنّ»، و الوجيئة: تمر يبلّ بلبن أو سمن ثم يدقّ حتى يلتئم.