الباب الثامن و العشرون في علاجه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- السحر
روى الإمام أحمد عن عائشة- رضي اللّه تعالى عنها- أن رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- قال: «في عجوة أوّل البكرة على ريق النّفس شفاء من كلّ سحر أو سم».
و روى مسلم عنها أن رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- قال: «إن في عجوة العالية شفاء و إنها ترياق أوّل البكرة على الرّيق»
و روى الشيخان عن سعد بن أبي وقاص- رضي اللّه تعالى عنه- مرفوعا «من تصبّح بسبع تمرات عجوة لم يضرّه في ذلك اليوم سمّ و لا سحر» و في رواية لمسلم «من أكل سبع تمرات مما بين لابتيها حين يصبح لم يضرّه سمّ حتى يمسي» [2].
تنبيهات
الأول: قال ابن العربي: السحر، قول مؤلف يعظم به غير الله الكائنات و المقادير و هو من الكبائر بالإجماع، قال مالك: السّاحر كافر يقتل و لا يستتاب، و لا تقبل توبته.
و قال النووي: قد يكون كفرا و قد لا يكون كفرا، بل معصية كبيرة، فإن كان فيه قول أو فعل يقتضي الكفر كفر و إلا فلا و أما تعمله فحرام و إذ لم يكن فيه ما يقتضي الكفر عذّر فاعله و استتيب منه، و لا يقتل عندنا، و إن مات قبلت توبته.
قال القاضي عياض: و يقول مالك: قال أحمد بن محمد بن حنبل و هو يروي عن جماعة من الصحابة و التابعين.
الثاني: اختلف هل له حقيقة، قال النووي: و هو الصحيح، و به قطع الجمهور و عليه عامة العلماء، و يدل عليه الكتاب و السنة الصحيحة المشهورة، أو لا حقيقة له، و هو اختيار أبي جعفر الأسترآباذي من الشافعية و أبي بكر الرازي من الحنفية و طائفة.
و قال الحافظ: محل النزاع هل يقع بالسحر انقلاب أعيان أو لا؟ فمن قال: إنه تخييل فقط منع من ذلك، و القائلون بأن له حقيقة اختلفوا هل له تأثير فقط بحيث يغير المزاج فيكون نوعا من الأمراض، أو ينتهي إلى الإحالة بحيث يصير الجماد حيوانا مثلا و عكسه؟ فالذي عليه