رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)-: «إذا أصاب أحدكم الحمى، فإنّ الحمّى قطعة من نار» و لفظ الطبراني:
«من نار جهنّم فليطفئها عنه بالماء» زاد الطبراني «البارد فلينفع في نهر جار، و يستقبل جريته و يقول: بسم اللّه، اللّهمّ اشف عبدك، و صدّق رسولك» هذا بعد صلاة الصبح و قبل طلوع الشمس، و لينغمس فيه ثلث غمسات ثلاثة أيام، فإن لم يبرأ في ثلاث فخمس، فإن لم يبرأ فسبع، فإن لم يبرأ فتسع، فإنها لا تكاد تجاوز تسعا بإذن اللّه تعالى.
و روى النسائي و أبو يعلى و الحاكم و أبو نعيم و الضياء عن أنس- رضي اللّه تعالى عنه- قال: قال رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)-: «إذا حمّ أحدكم فليسنّ عليه الماء البارد ثلاث ليال من السّحر».
قال الضياء و روى: «فليشن» أي بالمعجمة و لعلة تصحيف.
تنبيهات
الأول:
قوله- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- «فأبردوها بالماء» زاد في رواية «البارد»
قيل: المراد بغسله بالماء إن قيل: الإبراد و الإطفاء بحقن الحرارة إلى الباطن فتزيد الحمى و ربما يهلك؟ أجيب بأن المراد من ذلك الحمى الصفراوية، فإنّ أصحاب الصناعة الطبية يسلمون أن تبريد صاحبها أن يستقي بالماء البارد و يغسل أطرافه به، و قيل: المراد الرش بين البدن و الثوب، و قيل: المراد التصدق بالماء عن المريض ليشفه اللّه تعالى، لما رواه الإمام أحمد و غيره و أولى ما يحمل عليه كيفية تبريد الحمّى ما فعلته أسماء بنت الصديق- رضي اللّه تعالى عنها- فإنها كانت ترش على البدن المحموم شيئا من الماء بين يديه و ثوبه، فيكون ذلك من باب النّشرة المأذون فيها، و الصحابي و لا سيما مثل أسماء التي كانت ممن يلازم بيت النبي- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- أعلم بالمراد من غيرها.
الثاني: اختلف في نسبتها إلى جهنّم فقيل: حقيقة، و اللهب الحاصل في جسم المحموم قطعة من جهنم، و قدر اللّه ظهورها بأسباب تقتضيها ليعتبر العباد بذلك، كما أن أنواع الفرح و اللذة من نعيم الجنة، أظهرها في هذه الدار عبرة و دلالة، و قيل: بل الخبر ورد مورده التشبيه و المعنى أن حر الحمى شبيه بحر جهنم، تنبيها للنفوس على شدة حر النار، و أن هذه الحرارة الشديدة شبيهة بفيحها، و هو ما يصيب من قرب منها من حرّها.