الباب الثالث و العشرون في سيرته- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- في الكي
و فيه أنواع:
الأوّل:
فيما قيل إنه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- اكتوى قال الحافظ- (رحمه اللّه تعالى)-: لم أر في أثر صحيح أنّه اكتوى، إلا أن القرطبي نسب إلى «أدب النفوس» للطبري أنه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- اكتوى، ذكره الحليمي بلفظ «روى أنه اكتوى للجرح الذي أصابه بأحد» قال الحافظ: و الثابت في الصحيح في غزوة أحد «أن فاطمة- رضي اللّه تعالى عنها- أحرقت حصيرا فحشت به جرحه» و ليس هذا الكي المعهود.
الثاني:
في نهيه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- عنه لغير حاجة.
روى الإمام أحمد و أبو داود و الترمذي و النسائي عن عمران بن حصين- رضي اللّه تعالى عنه- نهى رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- عن الكي، فاكتوينا فما أفلحنا و لا أنجحنا».
و روى الإمام أحمد بسند جيد عن عقبة بن عامر- رضي اللّه تعالى عنه- قال: نهى رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- عن الكيّ، و كان يكره شرب الحميم.
و روى الطبراني في الكبير برجال الصحيح و ابن قانع عن سعد الطفري- رضي اللّه تعالى عنه- أن النبي- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- «نهى عن الكيّ» و في لفظ قال: «أنهى عن الكيّ» و قال: «أكره شرب الحميم»
و روى الطبراني في الكبير عن عمران بن حصين- رضي اللّه تعالى عنه- أن رجلا جاء إلى رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- و معه أخوه و قد سقي فقال: يا رسول اللّه إن أخي قد سقي بطنه فأتينا الأطباء فأمروني بالكي أ فأكويه؟ فقال رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)-: «لا تكوه و ردّه إلى أهله فمرّ به بعير، فضرب بطنه فأحمص بطنه فأتى به رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- فقال: «أما إنك لو أتيت به الأطباء، قلت: النار شفته»
و روى الإمام أحمد برجال الصحيح و مسدد و أبو نعيم في الطب عن عائشة- رضي اللّه تعالى عنها- قالت: قال رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)-: «مكان الكيّ التّكميد و مكان العلاق السّعوط و مكان النفخ اللدود»