responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سبل الهدى و الرشاد في سيرة خير العباد نویسنده : محمد بن يوسف الصالحي الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 13

الباب الخامس في حكم أفعاله الدنيوية- (صلّى اللّه عليه و سلّم)-

قال القاضي: و أمّا أفعاله (صلّى اللّه عليه و سلّم) الدّنيويّة فحكمه فيها من توقّي المعاصي و المكروهات ما قد قدمناه، و من جواز السّهو و الغلط في بعضها ما ذكرناه.

و كلّه غير قادح في النبوّة، بلى، إن هذا فيها على النّدور، إذ عامّة أفعاله على السّداد و الصواب، بل أكثرها أو كلّها جارية مجرى العبادات و القرب على ما بيّنّا، إذ كان (صلّى اللّه عليه و سلّم) لا يأخذ منها لنفسه إلا ضرورته، و ما يقيم رمق جسمه، و فيه مصلحة ذاته التي بها يعبد ربّه، و يقيم شريعته، و يسوس أمّته، و ما كان فيما بينه و بين الناس من ذلك فبين معروف يصنعه، أو بر يوسّعه، أو كلام حسن يقوله أو يسمعه، أو تألّف شارد، أو قهر معاند، أو مداراة حاسد، و كلّ هذا لاحق بصالح أعماله، منتظم في زاكي وظائف عباداته، و قد كان يخالف في أفعاله الدنيوية بحسب اختلاف الأحوال، و يعدّ للأمور أشباهها، فيركب- في تصرّفه لما قرب- الحمار، و في أسفاره الراحلة، و يركب البغلة في معارك الحرب دليلا على الثبات، و يركب الخيل و يعدّها ليوم الفزع و إجابة الصارخ.

و كذلك في لباسه و سائر أحواله بحسب اعتبار مصالحه و مصالح أمّته.

و كذلك يفعل الفعل من أمور الدنيا مساعدة لأمّته و سياسة و كراهية لخلافها و إن كان قد يرى غيره خيرا منه، كما يترك الفعل لهذا، و قد يرى فعله خيرا منه. و قد يفعل هذا في الأمور الدينية مما له الخيرة في أحد وجهيه، كخروجه من المدينة لأحد، و كان مذهبه التحصّن بها، و تركه قتل المنافقين، و هو على يقين من أمرهم مؤالفة لغيرهم، و رعاية للمؤمنين من قرابتهم، و كراهة لأن يقول الناس: إنّ محمدا يقتل أصحابه، كما جاء في الحديث، و تركه بناء الكعبة على قواعد إبراهيم مراعاة لقلوب قريش و تعظيمهم لتغييرها، و حذرا من نفار قلوبهم لذلك، و تحريك متقدّم عداوتهم للدّين و أهله،

فقال لعائشة في الحديث الصحيح: لو لا حدثان قومك بالكفر لأتممت البيت على قواعد إبراهيم.

و يفعل الفعل ثم يتركه، لكون غيره خيرا منه، كانتقاله من أدنى مياه بدر إلى أقربها للعدوّ من قريش،

و قوله: لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي.

و يبسط وجهه للكافر و العدوّ رجاء استئلافه.

و يصبر للجاهل، و يقول: إنّ من شرار الناس من اتّقاه الناس لشرّه، و يبذل له الرغائب ليحبّب إليه شريعته و دين ربّه.

نام کتاب : سبل الهدى و الرشاد في سيرة خير العباد نویسنده : محمد بن يوسف الصالحي الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 13
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست