responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سبل الهدى و الرشاد في سيرة خير العباد نویسنده : محمد بن يوسف الصالحي الدمشقي    جلد : 11  صفحه : 482

قال ابن دينار: لمّا قال ذلك يوسف قيل له: اتّخذت من دوني وكيلا، لأطيلنّ حبسك.

فقال: يا ربّ، أنسى قلبي كثرة البلوى.

و قال بعضهم: يؤاخذ الأنبياء بمثاقيل الذّرّ، لمكانتهم عنده، و يجاوز عن سائر الخلق لقلة مبالاته بهم في أضعاف ما أتوا به من سوء الأدب.

و قد قال المحتج للفرقة الأولى على سياق ما قلناه: إذا كان الأنبياء يؤاخذون بهذا ممّا لا يؤاخذ به غيرهم من السّهو و النّسيان، و ما ذكرته، و حالهم أرفع فحالهم إذا في هذا أسوأ حالا من غيرهم.

فاعلم- أكرمك اللّه- أنّا لا نثبت لك المؤاخذة في هذا على حدّ مؤاخذة غيرهم، بل نقول: إنهم يؤاخذون بذلك في الدنيا، ليكون ذلك زيادة في درجاتهم، و يبتلون بذلك، ليكون استشعارهم له سببا لمنماة رتبهم، كما قال: ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَ هَدى‌. و قال لداود: فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ وَ إِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى‌ وَ حُسْنَ مَآبٍ‌ [ص 25].

و قال- بعد قول موسى: تُبْتُ إِلَيْكَ‌ [الأعراف 143]: إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ‌ [الأعراف 144]. و قال- بعد ذكر فتنة سليمان و إنابته: فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً حَيْثُ أَصابَ. وَ الشَّياطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَ غَوَّاصٍ. وَ آخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ. هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ. وَ إِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى‌ وَ حُسْنَ مَآبٍ‌ [ص 36- 40].

و قال بعض المتكلمين: زلّات الأنبياء في الظاهر زلّات، و في الحقيقة كرامات و زلف، و أشار إلى نحو مما قدّمناه.

و أيضا فلينبّه غيرهم من البشر منهم، أو ممّن ليس في درجتهم بمؤاخذتهم بذلك، فيستشعروا الحذر، و يعتقدوا المحاسبة ليلتزموا الشكر على النّعم، و يعدّوا الصّبر على المحن بملاحظة ما وقع بأهل هذا النصاب الرّفيع المعصوم، فكيف بمن سواهم، و لهذا قال صالح المرّي: ذكر داود بسطة للتوّابين.

قال ابن عطاء: لم يكن ما نصّ اللّه تعالى عليه من قضية صاحب الحوت نقصا له، و لكن استزادة من نبيّنا (صلّى اللّه عليه و سلّم).

و أيضا فيقال لهم: فإنكم و من وافقكم تقولون بغفران الصغائر باجتناب الكبائر.

و لا خلاف في عصمة الأنبياء من الكبائر، فما جوّزتم من وقوع الصغائر عليهم هي مغفورة على هذا، فما معنى المؤاخذة بها إذا عندكم و خوف الأنبياء و توبتهم منها، و هي مغفورة لو كانت؟

نام کتاب : سبل الهدى و الرشاد في سيرة خير العباد نویسنده : محمد بن يوسف الصالحي الدمشقي    جلد : 11  صفحه : 482
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست