الباب الخامس عشر في بعض فضائل عبد الرحمن بن عوف- رضي اللّه تعالى عنه-
و فيه أنواع
الأول: في نسبه- رضي اللّه تعالى عنه-
هو أبو محمد عبد الرحمن بن عوف بن الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرّة، يلتقي مع النبي- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- في كلاب و أمّه الشّفّاء بنت عوف أسلمت و هاجرت، و ولد بعد الفيل بعشر سنين.
الثاني: في بعض فضائله
أسلم قديما و هو أحد الثمانية السابقين إلى الإسلام و أحد العشرة، و أحد الثّلاثة الذين انتهت إليهم الخلافة من الستة، و كان هو الذي اجتهد في تقديم عثمان، شهد المشاهد كلّها مع رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- و كان من الذين ثبتوا مع رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- يوم أحد، و هو أحد الخمسة الذين أسلموا على يدي الصّدّيق، و هاجروا الهجرتين إلى الحبشة ثم إلى المدينة، و آخى رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- بينه و بين سعد بن الربيع، و بعثه رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- إلى دومة الجندل إلى بني كليب و عمّمه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- بيده الشريفة، و أسدلها بين كتفيه و قال: إن فتح اللّه عليك فتزوّج ابنة ملكهم، أو قال: شريفهم، ففتح اللّه تعالى عليه و تزوّج بنت شريفهم الأصبع، فولدت له أبا سلمة و صلّى رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- حين أدركه، و قد صلّى بالناس ركعة كما في صحيح مسلم و غيره، و جرح يوم أحد إحدى و عشرين جراحة، و جرح في رجله و سقطت ثناياه و كان كثير الإعتاق في سبيل اللّه، أعتق في يوم واحد واحدا و ثلاثين عبدا.
و روي له عن رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- خمسة و ستون حديثا اتفقا منها على حديثين و انفرد البخاريّ بخمسة.
روى عنه ابن عمر و ابن عبّاس و جابر و خلائق غيرهم من الصحابة و التابعين- رضي اللّه تعالى عنهم-، و كان كثير المال محفوظ في التجارة، قيل: إنّه دخل على أمّ سلمة- رضي اللّه تعالى عنها- فقال: يا أمّاه، خفت أن يهلكني كثرة مالي، فقالت: يا بنيّ، أنفق.
تصدّق على عهد رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- بشطر ماله، أربعة آلاف دينار ثم تصدّق بأربعين ألف دينار، و تصدّق بخمسمائة فرس في سبيل اللّه تعالى ثم بخمسمائة راحلة، و كان عامة ماله من التجارة. انتهى.