قال: نعم. فقلت لعائشة: أيّ أمّتاه! ألا تسمعين ما يقول أبو عبد الرحمن؟ قالت: و ما يقول؟ قلت:
يقول: اعتمر النبي (صلّى اللّه عليه و سلّم) في رجب] فقالت: يغفر اللّه لأبي عبد الرحمن لعمري ما اعتمر في رجب]. [و ما اعتمر من عمرة إلّا و إنّه لمعه قال: و ابن عمر يسمع. فما قال: لا، و لا نعم. سكت].
الثاني و الثلاثون: في زهدها، و كرمها، و صدقها، و عتقها، بريرة.
[روى أبو نعيم عن عروة] عن ابن المنكدر عن أم ذرة [و كانت تغشى عائشة- قالت: بعث إليها بمال في غرارتين، قالت: أراه ثمانين أو مائة ألف، فدعت بطبق و هي يومئذ صائمة فجلست تقسم بين الناس، فأمست و ما عندها من ذلك درهم. فلما أمست قالت: يا جارية هلمي فطري، فجاءتها بخبز و زيت فقالت لها أم ذرة: أما استطعت مما قسمت اليوم أن تشتري لنا لحما بدرهم نفطر عليه.
روى البخاري عن عائشة رضي اللّه عنها أنها أرادت أن تشتري بريرة للعتق، و أراد مواليها أن يشترطوا ولاءها، فذكرت عائشة للنبي (صلّى اللّه عليه و سلّم) فقال لها النبي- (صلّى اللّه عليه و سلّم)-:
اشتريها، فإنما الولاء لمن أعتق و أتي النبي (صلّى اللّه عليه و سلّم) بلحم، فقلت: هذا ما تصدّق به على بريرة، فقال: هو لها صدقة و لنا هدية]
الثالث و الثلاثون: في خوفها و ورعها و تعبدها و حيائها- رضي اللّه تعالى عنها-.
روى أبو نعيم عن عبد الله بن عثمان بن خيثم عن ابن أبي مليكة قال: استأذن ابن عباس على عائشة [فقالت: لا حاجة لي بتزكيته، فقال عبد الرحمن بن أبي بكر: يا أمتاه إن ابن عباس من صالح بيتك جاء يعودك، قالت: فأذن له فدخل عليها فقال: يا أمه أبشري فو اللّه ما بينك و بين أن تلقي محمدا و الأحبة إلا أن يفارق روحك جسدك، كنت أحب نساء رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) إليه و لم يكن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) يحب إلا طيبا، قالت أيضا؟ قال: هلكت قلادتك بالأبواء فأصبح رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) يلتقطها فلم يجدوا ماء، فأنزل اللّه عز و جل فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً [النساء 43] فكان ذلك بسببك و بركتك ما أنزل اللّه تعالى لهذه الأمة من الرخصة و كان من أمر مسطح ما كان فأنزل اللّه تعالى براءتك من فوق سبع سمواته فليس مسجد يذكر اللّه فيه إلا و شأنك يتلى في آناء الليل و أطراف النهار. فقالت: يا ابن عباس دعني منك و من تزكيتك فو اللّه لوددت أني كنت نسيا منسيا.
و روي عن عائشة- رضي اللّه تعالى عنها- قالت: كنت أدخل البيت الذي دفن فيه رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- و إني واضعة ثوبي، و أقول: إنما هو زوجي، و أبي، فلمّا دفن عمر، و اللّه ما