الباب الثاني في رؤيته (صلّى اللّه عليه و سلّم) الحمى و سماع كلامها
روى البيهقي عن جابر بن عبد اللّه و ابن سعد و البيهقي عن أم طارق مولاة سعد، و البيهقي عن سلمان رضي اللّه عنهم إذ الحمّى أتت النبي (صلّى اللّه عليه و سلّم) فاستأذنت عليه فأذن لها، فقال: «من أنت؟» قالت: أمّ ملدم، و لفظ سلمان، الحمّى أبري اللحم و أمصّ الدّم، انتهى، زادت أمّ طارق: قال: «لا مرحبا بك، و لا أهلا انهدين إلى أهل قباء» و لفظ جابر: «أ تريدين أهل قباء؟» قالت: نعم، قال: «اذهبي» فأتتهم، فحمّوا، و لقّوا منها شدّة، فجاؤوا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) قد اصفرّت وجوههم فشكوا إليه الحمّى، قال: «إن شئتم دعوت اللّه عز و جل، فكشفها عنكم، و إن شئتم كانت لكم طهورا فأسقطت ذنوبكم»، قالوا: بل ندعها تكون لنا طهورا [1].
و روى البيهقي عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: جاءت الحمّى إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) فقالت: يا رسول اللّه، ابعثني إلى أحبّ قومك إليك، فقال: «اذهبي إلى الأنصار»، فذهبت فضمّت عليهم فصرعتهم، فقالوا: يا رسول اللّه، ادع اللّه لنا بالشّفاء فدعا فكشفت عنهم، قال البيهقي: يحتمل أن هذا في قوم آخرين من الأنصار [2].
و روى الإمام أحمد برجال الصحيح و أبو يعلى و ابن حبّان عن جابر قال: استأذنت الحمّى على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) فقال: «من هذه؟» فقالت: أمّ ملدم فأمرها لأهل قباء فلقوا ما لا يعلمه إلا اللّه، فأتوه فشكوا ذلك إليه، فقال: «ما شئتم إن شئتم دعوت اللّه ليكشفها عنكم، و إن شئتم تكون لكم طهورا»، قالوا: أو تفعل؟ قال: «نعم»، قالوا: دعها.
و روى البخاري و الترمذي و ابن ماجة و الطبراني في الأوسط عن ابن عمر رضي اللّه عنهما قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم): «رأيت امرأة ثائرة الرّأس خرجت من المدينة حتى نزلت مهيعة، فأولتها أن وباء المدينة نقل إليها [3].
تنبيهات
الأول:
روى الإمام أحمد بسند رجاله ثقات قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم): «أتاني جبريل بالحمّى و الطّاعون فأرسلت الحمّى بالمدينة، و أرسلت بالطّاعون إلى الشام، فالطاعون شهادة لأمتى و رحمة لهم و رجز على الكافرين» [4].