الباب الثاني فيما اختص به عن الأنبياء (صلّى اللّه عليه و سلّم) عليهم في شرعه و أمته و فيه مسائل
الأولى:
اختصّ (صلّى اللّه عليه و سلّم) بإحلال الغنائم.
الثانية:
و بجعل الأرض كلّها مسجدا و لم تكن الأمم تصّلّي إلا في البيع و الكنائس.
الثالثة:
و بالتّراب طهورا و هو التّيمّم.
روى الشيخان عن جابر رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم): «جعلت لي الأرض مسجدا و طهورا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصلّ، و أحلّت لي الغنائم و لم تحلّ لأحد بعدي» الحديث.
و روى مسلم عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم): «فضّلت على الناس بستّ: أعطيت جوامع الكلم، و نصرت بالرّعب، و أحلّت لي الغنائم، و جعلت لي الأرض طهورا و مسجدا».
و روى الطبراني عن أبي الدرداء أن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) قال: «فضّلت أنا و أمتي في الصلاة تصفّ كما تصفّ الملائكة، و جعل الصعيد لي وضوءا، و جعلت لي الأرض مسجدا، و أحلّت لي الغنائم».
و روى البخاري في «التاريخ» و البزّار و البيهقي و أبو نعيم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم): «كان الأنبياء يقرّبون الخمس، فتجيء النار فتأكله و أمرت أنا أن أقسّمه في فقراء أمتي».
قال الخطّابيّ: كان من تقدم على ضربين: من لم يؤذن له في الجهاد، فلم تكن له غنائم، و منهم من أذن له فيها، لكن كانوا إذا غنموا أشياء لم تحلّ لهم أن يأكلوه و جاءت نار فأحرقته كما في الصحيح عن أبي هريرة: «غزا نبيّ من الأنبياء» فذكر القصّة إلى أن قال:
فجمع الغنائم فجاءت- يعني النار- فلم تطعمها. و عند أحمد و مسلم «فجمعوا ما غنموا فأقبلت النار. زاد في رواية سعيد بن المسيّب رضي اللّه عنه فكانوا إذا غنموا غنيمة بعث اللّه النار فأكلتها فذكر القصة، و قد تقدمت بكمالها في أواخر شرح قصّة المعراج، و في المعجزات في رد الشمس و فيها: «أحلّ اللّه لنا الغنائم، رأى ضعفنا و عجزنا، فأحلّها لنا انتهى فكان من قبلنا يغزون و يأخذون أموال أعدائهم و أسلابهم لكن لا يتصرّفون فيها بل يجمعونها و علامة قبول ذلك أن تنزل النار فتأكلها، و علامة عدم القبول أن لا تنزل.