قاموا بنصرة هذا الرّجل، فما بال هؤلاء؟ فقام رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) مغضبا يجرّ رداءه، حتى دخل المسجد ثم نادى: الصّلاة جامعة، فحمد اللّه و أثنى عليه ثم قال: «يا أيها الناس: إنّ الرب ربّ واحد، و إن الأب أب واحد، و إن الدّين دين واحد، و إن العربية ليست لكم بأب و لا أم، إنما هي لسان، فمن تكلم بالعربية فهو عربيّ»، فقال معاذ بن جبل رضي اللّه عنه و هو آخذ بسيفه: يا رسول اللّه، ما تقول في هذا المنافق؟ فقال: «دعه إلى النار، فكان فيمن ارتدّ فقتل في الرّدّة».
الباب التاسع و الخمسون في إخباره (صلّى اللّه عليه و سلّم) بأنه سيكون قوم في هذه الأمة يعتدون في الطهور و الدعاء
روى الطبراني و ابن أبي شيبة و أبو داود و ابن ماجة و الإمام أحمد و ابن حبّان و الحاكم و البيهقي عن عبد اللّه بن مغفّل، و أبو داود الطّيالسيّ و ابن أبي شيبة، و الإمام أحمد و أبو داود عن سعد بن أبي وقّاص رضي اللّه عنه أن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) قال: «سيكون في هذه الأمّة قوم يعتدون في الطّهور و الدّعاء».
الباب الستون في إخباره (صلّى اللّه عليه و سلّم) بحال قيس بن خرشة رضي اللّه تعالى عنه
روى الطبراني و البيهقيّ عن محمد بن يزيد بن أبي زياد الثقفيّ رضي اللّه عنه قال: إن قيس بن خرشة قدم على النبي (صلّى اللّه عليه و سلّم)، قال: أبايعك على ما جاء من اللّه تعالى و على أن أقول بالحقّ، فقال النبيّ (صلّى اللّه عليه و سلّم): «يا قيس، عسى أن يمدّك الدّهر، أن يلقاك بعدي من لا تستطيع أن تقول بالحقّ معهم»، قال قيس: و اللّه لا أبايعك على شيء إلا وفّيت لك به، فقال النّبي (صلّى اللّه عليه و سلّم):
«إذا لا يضرك بشر، و كان قيس يعيب زياد بن أبي سفيان، و ابنه عبيد اللّه»، فبلغ ذلك عبيد اللّه، فأرسل إليه فقال: أنت الذي تفتري على اللّه تعالى و على رسوله؟ قال: لا، و لكن إن شئت أخبرتك بمن يفتري على اللّه و على رسوله؟ قال: من ذاك؟ قال: أنت و أبوك الذي أمركما، قال قيس: و ما الذي افتريت على اللّه و رسوله؟ فقال: «تزعم أنه لا يضرك بشر!» قال: نعم، قال:
«لتعلمنّ اليوم أنّك قد كذبت، ائتوني بصاحب العذاب و بالعذاب»، قال: فمال قيس عند ذلك، فمات.