فقطعت يده اليسرى بنهاوند و عاش بعد ذلك عشرين سنة، ثم قتل يوم الجمل بين يدي عليّ رضي اللّه عنه و قال قبل أن يقتل: إني رأيت يدي خرجت من السّماء تشير إليّ أن تعال، و أنا لا حق بها.
و روى ابن مندة و ابن عساكر عن بريدة قال: ساق رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) بأصحابه فجعل يقول: «جندب و ما جندب و الأقطع الخير زيد» فسئل عن ذلك فقال: «أما جندب فيضرب ضربة يكون فيها أمّة وحده، و أما زيد فرجل من أمتي تدخل الجنّة يده قبل بدنه ببرهة»
فلما ولي الوليد بن عقبة الكوفة في زمن عثمان أجلس رجل يسحر، يريهم أنه يحيي و يميت فأتى جندب بسيف فضرب به عنق الساحر، و قال: أحي نفسك الآن و أما زيد بن صوحان فقطعت يده يوم القادسية و قتل يوم الجمل.
و أخرجه ابن عساكر من حديث علي و من حديث ابن عباس و ابن عمرو من طريق أبي مجاز مرسلا.
الباب الثامن و الثلاثون في إخباره (صلّى اللّه عليه و سلّم) بعمى زيد بن أرقم رضي اللّه تعالى عنه
روى البزّار عن زيد بن أرقم أن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) دخل عليه يعوده من مرض كان به فقال له: «ليس عليك من مرضك هذا بأس، و لكنّه كيف بك إذا عمّرت بعدي فعميت؟» قال: إذا أحتسب و أصبر قال: «إذا تدخل الجنّة بغير حساب»،
قال فعمي زيد رضي اللّه عنه بعد موت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) ثم ردّ اللّه عليه بصره ثم مات.
الباب التاسع و الثلاثون في إخباره (صلّى اللّه عليه و سلّم) بعمر جماعة و بانخرام القرن
روى الحسن بن سفيان و ابن شاهين و ابن نافع، و الطبراني في الكبير، و الحاكم و ابن عساكر عن سفيان بن وهب الخولاني أن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) قال: «لا تأتي المائة، و على ظهرها أحد باق».
و روى مسلم و ابن حبّان عن أبي سعيد رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم): «لا تأتي مائة سنة و على وجه الأرض نفس منفوسة اليوم».
و روى الشيخان عن ابن عمر رضي اللّه عنهما قال: صلّى بنا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) العشاء ليلة في آخر حياته، فلما قام فقال: «أ رأيتكم ليلتكم هذه؟ قال: فإن رأس مائة سنة منها لا يبقى اليوم ممن هو على ظهر الأرض أحد يريد بذلك انخرام القرن».