و الإمام أبا عبد اللّه محمد بن سعيد بن حماد الدلاصي الشهير بالبوصيري (رحمه اللّه تعالى) حيث قال:
أبان مولده عن طيب عنصره* * * يا طيب مبتدإ منه و مختتم
يوم تفرّس فيه الفرس أنّهم* * * قد أنذروا بحلول البؤس و النّقم
و بات إيوان كسرى و هو منصدع* * * كشمل أصحاب كسرى غير ملتئم
و النّار خامدة الأنفاس من أسف* * * عليه و النّهر ساهي العين منسدم
و ساء ساوة أن غاضت بحيرتها* * * و ردّ واردها بالغيظ حين ظمي
كأنّ بالنّار ما بالماء من بلل* * * حزنا و بالماء ما بالنّار من ضرم
و الجنّ تهتف و الأنوار ساطعة* * * و الحقّ يظهر من معنى و من كلم
عموا و صمّوا فإعلان البشائر لم* * * يسمع و بارقة الإنذار لم تشم
من بعد ما أخبر الأقوام كاهنهم* * * بأنّ دينهم المعوجّ لم يقم
من بعد ما عاينوا في الأفق من شهب* * * منقضّة وفق ما في الأرض من صنم
حتّى غدا عن طريق الحقّ منهزم* * * من الشياطين يقفو إثر منهزم
و قال أيضا في قصيدته الهمزية:
و محيّا كالشّمس منك مضيء* * * أسفرت عنه ليلة غرّاء
ليلة المولد الّذي كان للدّي* * * ن سرور بيومه و ازدهاء
[1] عبد اللّه بن يحيى بن علي، أبو محمد الشقراطسي التّوزري: فقيه مالكي، من الشعراء. ولد بتوزر. و علمه أبوه و سافر إلى القيروان، فأخذ عن علمائها. و رحل إلى المشرق (سنة 429 ه) و خاض معركة في قتال الفرنج، بمصر، قال فيها، من قصيدة:
و أسمر عسال الكعوب سقيته* * * نجيع الطلى و الخيل تدمى نحورها
و عاد إلى توزر، فأفتى و درّس إلى أن توفي. له «تعليق على مسائل من المدونة»، و «فضائل الصحابة» و «الإعلام بمعجزات النبي (عليه السلام)» ختمه بقصيدة له لامية تعرف بالشقراطسية أولها:
«الحمد للّه، منا باعث الرسل»
عني أدباء إفريقية بشرحها و تخميسها و تشطيرها. توفي سنة 466 ه. الأعلام 4/ 144، 145.