و قيل إنه عربي و اشتقاقه من ناح ينوح نوحا و نياحة لأنه أقبل على نفسه باللوم و النّوح.
و اختلف في سبب ذلك فقيل: سببه أنه كان ينوح على قومه و يتأسف لكونهم غرقوا بلا توبة و رجوع إلى اللّه تعالى. و قيل في اسمه غير ذلك مما لا أصل له. قال جماعة: و اسمه عبد الغفار. و هو آدم الثاني لأنه لا عقب لآدم إلّا من نوح (صلّى اللّه عليه و سلم).
و أثنى اللّه تعالى عليه في عدة آيات. قال ابن قتيبة: و كان نوح نجارا.
و روى الطبراني بسند رجاله ثقات عن أبي أمامة رضي اللّه تعالى عنه، أن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) قال: «بين نوح و آدم عشرة قرون»
قال الشّعبي [2] (رحمه اللّه تعالى) في العرائس: أرسل اللّه تعالى نوحا إلى ولد قابيل و من تابعهم من ولد شيث.
قال ابن عباس رضي اللّه تعالى عنهما: و كان بطنان من ولد آدم أحدهما يسكن السهل و الآخر يسكن الجبل، و كان رجال الجبل صباحا و في النساء دمامة، و كان نساء السّهل صباحا و في الرجال دمامة، فكثرت الفاحشة من أولاد قابيل و كانوا قد أكثروا الفساد، فأرسل اللّه تعالى نوحا عليه و على نبينا الصلاة و السلام و هو ابن خمسين سنة، فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم إلى اللّه تعالى و يحذّرهم و يخوّفهم فلم ينزجروا، فكان كما حكاه اللّه تعالى عنه:
و لما طال دعاؤه لهم و إيذاؤهم له و تماديهم في غيّهم سأل اللّه تعالى فأوحى اللّه تعالى إليه أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فلما أخبره اللّه تعالى بأنه لم يبق في الأصلاب و لا في الأرحام مؤمن دعا عليهم فقال: رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً إلى آخرها. فأمره اللّه تعالى باتخاذ السفينة قال: يا رب و أين الخشب قال: اغرس الشجر. فغرس الساج و أتى على ذلك أربعون سنة فكفّ عن الدعاء عليهم، و أعقم اللّه تعالى أرحام نسائهم فلم يولد لهم ولد، فلما أدرك الشجر أمره اللّه تعالى بقطعه و تجفيفه و صنعه الفلك و علّمه كيف يصنعه، و جعل بابه في جنبه و كان طول السفينة ثمانين ذراعا و عرضها خمسين و سمكها إلى السماء ثلاثين و الذراع إلى المنكب.
[1] ذكره الهيثمي في المجمع 6/ 321 عن ابن عباس موقوفا بلفظ «كان بين آدم و نوح عشرة قرون ...» إلخ و عزاه للبزار و قال: فيه عبد الصمد بن النعمان وثقه ابن معين.
[2] عامر بن شراحيل الشّعبي: بفتح المعجمة، أبو عمرو، ثقة مشهور، فقيه فاضل، من الثالثة، قال مكحول: ما رأيت أفقه منه، مات بعد المائة، و له نحو من ثمانين. التقريب 1/ 387.