و روى ابن أبي حاتم و الأزرقي [1] عن كعب الأحبار- رضي اللّه تعالى عنه قال-: كان البيت غثاء على الماء قبل أن يخلق اللّه تعالى الأرض بأربعين عاما و منه دحيت الأرض.
الغثاء كغراب: ما جاء به السّيل من نبات قد يبس.
و روى ابن جرير و أبو الشيخ في العظمة، عن ابن عباس رضي اللّه تعالى عنهما قال:
وضع البيت على الماء على أربعة أركان قبل أن تخلق الدنيا بألفي عام، ثم دحيت الأرض من تحت البيت.
و روى عبد الرزّاق [2] و الأزرقي و الجنديّ [3] في تاريخهما عن مجاهد [4]- (رحمه اللّه تعالى)- قال: خلق اللّه تعالى موضع البيت الحرام من قبل أن يخلق شيئا من الأرض بألفي سنة و أركانه في الأرض السابعة. زاد عبد بن حميد: و دحيت الأرض من تحت الكعبة.
و روى ابن جرير و ابن المنذر و الطبراني و البيهقي في الشّعب عن ابن عمر- رضي اللّه تعالى عنهما- قال: خلق اللّه تعالى البيت قبل الأرض بألفي سنة، و كان إذ كان عرشه على الماء زبدة بيضاء، و كانت الأرض تحته كأنها خشفة، فدحيت الأرض من تحته.
الخشفة بمعجمتين: واحدة الخشف و هي حجارة تنبت بالأرض نباتا و يروى: بحاء مهملة و العين بدل الفاء، و هي أكمة لاطئة بالأرض و الجمع خشف. و قيل: هو ما غلبت عليه السهولة، أي ليس بحجر و لا طين. و يروى حشفة بالحاء المهملة و الفاء، و هو اليابس الفاسد من التمر.
و روى ابن المنذر عن أبي هريرة- رضي اللّه تعالى عنه- قال: إن الكعبة خلقت قبل
[1] محمد بن عبد اللّه بن أحمد بن محمد بن الوليد بن عقبة بن الأزرق. أبو الوليد الأزرقي: مؤرخ، يماني الأصل، من أهل مكة. له «أخبار مكة و ما جاء فيها من الآثار». توفي 250 ه. الأعلام 6/ 122.
[2] عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميري، مولاهم، أبو بكر الصنعاني: من حفاظ الحديث الثقات، من أهل صنعاء. كان يحفظ نحوا من سبعة عشر ألف حديث. له «الجامع الكبير» في الحديث، قال الذهبي: و هو خزانة علم، و كتاب في «تفسير القرآن» و «المصنف في الحديث». توفي 211 ه. الأعلام 3/ 355.
[3] محمد بن يوسف بن يعقوب، أبو عبد اللّه، بهاء الدين الجندي: من ثقات مؤرخي اليمن. من أهل الجند (بينه و بين صنعاء 58 فرسخا) ولي «الحسبة» بعدن. و اشتهر بكتابه «السلوك في طبقات العلماء و الملوك» و يعرف بطبقات الجندي. توفي 732 ه. الأعلام 7/ 151.
[4] مجاهد بن جبر بإسكان الموحدة مولى السّائب بن أبي السّائب أبو الحجّاج المكي المقرئ الإمام المفسّر. عن ابن عباس و قرأ عليه. قال مجاهد: عرضت عليه ثلاثين مرة، و أم سلمة و أبي هريرة و جابر و عن عائشة في (خ م). قال شعبة و القطّان و ابن معين و أبو حاتم الرازي: لم يسمع منها. لكن قد صرح مجاهد في بعض رواياته بسماعه منه. و عنه عكرمة و عطاء و قتادة و الحكم بن عتيبة و أيوب و خلق. وثقه ابن معين و أبو زرعة قال ابن حبان: مات بمكة سنة اثنتين أو ثلاث و مائة و هو ساجد و مولده سنة إحدى و عشرين. الخلاصة 3/ 10، 11.