فلمّا اشتدّ الحصار على أعداء اللّه، و أيسوا من نصرة المنافقين، قذف اللّه في قلوبهم الرّعب، فطلبوا الصّلح، فصالحهم النّبيّ (صلى اللّه عليه و سلم) على الجلاء- أي: الإخراج من أرض إلى أرض- و أنّ لهم ما أقلّت الإبل إلّا السّلاح، فجلوا إلى (الشّام) إلّا آل حييّ بن أخطب و آل أبي الحقيق، فإنّهم جلوا إلى (خيبر).
و أنزل اللّه فيهم سورة الحشر، و كانت أموالهم ممّا أفاء اللّه على رسوله، خالصة لرسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم)، فقسمها بين المهاجرين خاصّة لشدّة حاجتهم، و لم يعط الأنصار منها شيئا، إلّا لثلاثة نفر بهم حاجة [1]، و طابت بذلك نفوس الأنصار، كما أثنى اللّه عليهم بقوله: وَ لا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَ يُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ [سورة الحشر 59/ 9].
و في «صحيح البخاريّ»، عن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عبّاس رضي اللّه عنهما: سورة الحشر، قال: قل سورة النّضير [2].
و فيه- [أي: صحيح البخاريّ]- عن ابن عمر رضي اللّه عنهما أنّ النّبيّ (صلى اللّه عليه و سلم) حرّق نخل بني النّضير و قطّع، و هي البويرة،
[1] و هم: سهل بن حنيف، و أبو دجانة سماك بن خرشة، أعطاهم (صلى اللّه عليه و سلم) مالا، و أعطى سعد بن معاذ سيف ابن أبي الحقيق.