نام کتاب : حدائق الأنوار و مطالع الأسرار في سيرة النبي المختار نویسنده : الحضرمي، محمد بن بحر جلد : 1 صفحه : 188
[قدوم جعفر رضي اللّه عنه من الحبشة]
فكتب النّبيّ (صلى اللّه عليه و سلم) إلى النّجاشيّ ليجهّزهم إليه، فجهّزهم، فقدموا يوم فتح (خيبر)، فأسهم لهم، و قال (صلى اللّه عليه و سلم): «لا أدري بأيّهما أسرّ بفتح خيبر، أم بقدوم جعفر» [1].
فائدة [: في حكم الهجرة]
قال العلماء: و هذه الهجرة أوّل هجرة في الإسلام، و بعدها الهجرة الكبرى إلى (المدينة)، و قد حازها أيضا مهاجرو (الحبشة) كجعفر و عثمان و الزّبير و عبد الرّحمن، فسمّوا أهل الهجرتين.
و حكم الهجرة باق إلى يوم القيامة إذا وجد معناها؛ و هو الفرار بالدّين عند خوف الافتتان فيه، أو عند العجز عن الأمر بالمعروف و النّهي عن المنكر، أو عن ردّ البدع المنكرة.
أمّا عند خوف الافتتان: فمن بقي في دار الحرب عاجزا عن إظهار دين الإسلام عصى معصية عظيمة، بل اختلف في صحّة
و منهم من مات فيها، و الباقون حبسهم المشركون. و يبدو أنّ ابن إسحاق لم يفصل بين خبر من عادوا إثر الهجرة الأولى إلى الحبشة و خبر من عادوا إثر الهجرة الثّانية إليها. و لعلّ هذا راجع إلى أنّه لم ينصّ على حصول هجرتين، و الأرجح: أنّ الّذين عادوا إثر سماعهم بإسلام أهل مكّة و إسلام عمر هم العشرة الّذين هاجروا أوّلا، و كانت عودتهم في السّنة الّتي خرجوا فيها بعد أن أقاموا في الحبشة شهرين، و قد دخلوا مكّة مستخفين أو بجوار، ثمّ هاجروا إلى الحبشة ثانية على الأرجح مع جعفر ابن أبي طالب و أصحابه. و أمّا الثّلاثة و الثّلاثون الّذين ذكرهم ابن إسحاق فهؤلاء هم الّذين عادوا من الحبشة إثر الهجرة الثانية، و ذلك حين سمعوا بمهاجر النّبيّ (صلى اللّه عليه و سلم) إلى المدينة كما ذكر ابن سعد (انظر الجامع في السّيرة النّبويّة، ج 1/ 422).