نام کتاب : إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال و الأموال و الحفدة و المتاع نویسنده : المقريزي، تقي الدين جلد : 4 صفحه : 63
و أما صرف أصحاب الفيل عن مكة المكرمة
فقد قال اللَّه جل جلاله في كتابه لنبيه (صلى اللَّه عليه و سلم)- و قريش بأجمعها تسمعه، و العرب شاهدة له، و الحرب بينهم راكدة، و التكذيب منهم ظاهر-: أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ* أَ لَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ* وَ أَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ* تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ* فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ[1]، فلو لا أن قصة الفيل كانت عندهم كالعيان، و كان العهد قريبا، و الأمر مشهورا مستفيضا، لاحتجوا فيه بغاية الاحتجاج، و القوم في غاية العداوة و الإرصاد، و في غاية المباينة و التكذيب، و هم الذين عناهم اللَّه تعالى بقوله: وَ تُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا[2]، و قال: بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ[3]، و قال: فَإِذا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ[4]، و قال: وَ إِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ[5].
قوله: أَ لَمْ تَرَ: قال الفراء: أ لم تخبر، و قال ابن عباس: أ لم تسمع، و هو استفهام معناه التقرير، و الخطاب للرسول و لكنه عام، و معناه: أ لم تروا ما فعلت بأصحاب الفيل؟ و كيدهم: هو ما أرادوا من تخريب الكعبة، في تضليل: أي في ذهاب.
و المعنى: أنّ كيدهم ضل عما قصدوا له، فلم يصلوا إلى مرادهم. وَ أَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً: أي و أرسل الرب عليهم، و هذا عطف على معنى أَ لَمْ يَجْعَلْ لا على لفظه.
[ ()] القطن: أصل ذنب الطائر، و أسفل الظهر من الإنسان، و منه: [الفقرات القطنية].
البوغاء: التراب الناعم.
الدّمن: ما تدمّن منه، أي: تجمّع و تلبّد.
و قد ورد هذا الخبر في المراجع السابقة بسياقات مختلفة، في بعضها تقديم و تأخير و اختلاف يسير في عدد الأبيات.
قال الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، محقق كتاب (المصنوع في معرفة الحديث الموضوع)، في المقدمة ص 18: «فهذا الحديث ليس بصحيح، و لا يجوز قوله و لا إنشاده، و يزيده منعا أنه يتعلق بشأن من شئون النبي (صلى اللَّه عليه و سلم)، و بأمور خارقة للعادة، و لا
يغرنّك ذكر بعض العلماء له في كتب السيرة أو التاريخ»، و له في ذلك بحث طويل فليراجع هناك.