نام کتاب : إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال و الأموال و الحفدة و المتاع نویسنده : المقريزي، تقي الدين جلد : 4 صفحه : 228
أمّا إعجاز القرآن الكريم
فقد اختلف فيه، هل هو من جهة البلاغة أو الصرفة؟ ثم اختلف القائلون بأنه من جهة البلاغة، فقال قوم: الإعجاز باعتبار أسلوب البلاغة، و قال آخرون:
بل بشرف البلاغة.
و الفرق بين الأسلوب و الشرف، أن الأسلوب هو النمط الخارج عن الأنماط المألوفة عندهم، كالخطابة، و المناظرة، و القصيد، و الرجز، و الخصومة، و الرقي، و العوذ.
و شرف البلاغة يدخل منه المعنى الّذي هو سبق الكلام له، و من ذهب إلى هذا جعل وجوه الإعجاز عشرة:
أحدها: النظم البديع المخالف لكل نظم معهود في لسان العرب و في غيرها، لأن نظمه ليس من نظم الشعر في شيء، و لذلك قال اللَّه تعالى: وَ ما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَ ما يَنْبَغِي لَهُ[1].
و في صحيح مسلم: أن أنيسا أخا أبا ذر رضي اللَّه عنه قال لأبي ذر: لقيت رجلا بمكة على دينك يزعم أن اللَّه أرسله، قلت: فما يقول الناس؟ قال: يقولون شاعر [و] كاهن [و] ساحر،- و كان أنيس أحد الشعراء- قال أنيس: لقد سمعت قول الكهنة فما هو بقولهم، و لقد وضعت قوله على [إقراض] الشعر فلم يلتئم على [قول] [2] أحد بعدي أنه شعر، و اللَّه إنه لصادق، و إنهم لكاذبون.
[و كذلك] [2] أخبر عتبة بن ربيعة أنه ليس بسحر و لا شعر، لما قرأ عليه رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم): حم[3] فصّلت، فإذا اعترف عتبة على موضعه من اللسان و الفصاحة و البلاغة بأنه ما سمع مثل القرآن قط، كان في هذا القول مقرا بإعجاز