نام کتاب : إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال و الأموال و الحفدة و المتاع نویسنده : المقريزي، تقي الدين جلد : 4 صفحه : 209
و أما سليمان (عليه السلام)
فإن اللَّه تعالى وهب له ملكا لا ينبغي لأحد من [بعده] [1]، و قد أعطى اللَّه نبيّنا (صلى اللَّه عليه و سلم) خزائن الأرض، فأباها و ردّها اختيارا للنقل من الدنيا، و استصغارا لها بحذافيرها، و آثر مرتبته و رفعته عند ربه تعالى على ما يغني، و رضي بالقوت اليسير، فكان له من ذلك أعظم ما لسليمان لعلوّ مقامه.
و قد سخر اللَّه تعالى لسليمان الريح، فسارت به في بلاد اللَّه، و كان غدوّها شهرا و رواحها شهرا، فأعطى اللَّه سبحانه نبينا محمدا (صلى اللَّه عليه و سلم) أعظم من ذلك فأكثر، لأنه سار في ليلة واحدة من مكة إلى بيت المقدس مسيرة شهر، و خرج به في ملكوت السموات مسيرة خمسين ألف سنة في أقل من ثلث ليلة، فدخل السموات سماء سماء، و رأى عجائبها و وقف على الجنة و النار، و عرض عليه أعمال أمته (صلى اللَّه عليه و سلم)، و صلّى بالأنبياء و بملائكة السموات، و خرق الحجب، و دلى له الرفرف الأخضر، و أوحى إليه ربه تعالى ما أوحى، و أعطاه خواتيم سورة البقرة من كنز تحت العرش، و عهد إليه أن يظهر دينه على الأديان، حتى لا يبقى في شرق الأرض و غربها إلا دينه، أو يؤدون إليه و إلى أهل دينه الجزية عن صغار، و فرض عليه الصلوات الخمس.
و لقي موسى (عليه السلام) و ما له [من] [1] مراجعة ربه في التخفيف عن أمته، و هذا كله في ليلة واحدة، فأيما أعجب و أكثر من هذا، أو الريح غدوها شهر و رواحها شهر، و مع ذلك فإن الصّبا سخّرت للنّبيّ (صلى اللَّه عليه و سلم) و كانت من جملة أجناده، و لهذا قال: نصرت بالصّبا، و مع ذلك فإن سليمان سأل ذلك فقال: رَبِّ [اغْفِرْ لِي وَ] [2] هَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي[3]، و نبينا (صلى اللَّه عليه و سلم) حباه اللَّه تعالى بذلك من غير تعرض منه له، و أين مقام من [يعطي] [1] حسب سؤاله، من مقام من تأتيه المنح الإلهية مخطوبا لها و مسئولا بها؟