نام کتاب : إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال و الأموال و الحفدة و المتاع نویسنده : المقريزي، تقي الدين جلد : 4 صفحه : 206
و أما هارون (عليه السلام)
فإن اللَّه تعالى وصفه بفصاحة اللسان فقال: هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً[1]، و قد علم أن لغة العرب أفصح اللغات، و لنبينا محمد (صلى اللَّه عليه و سلم) من الفصاحة ما يعرف من مارس كلامه، أنه أوتي فيها [أعلى] مقام، لم يصل إليه أحد من قبله و قد شارك هارون مع ذلك فيما ناله من بني إسرائيل، فإنه لما خلف موسى (عليه السلام) فيهم عند ما توجه لميقات ربه، افترقوا و تحزّبوا و نقضوا العهد، و استضعفوه و همّوا بقتله، و عبدوا العجل فلم يقبل توبتهم حتى قتلوا بعضهم بعضا، كما قصّ اللَّه تعالى ذلك في كتابه العزيز [2]، فلقى نبينا (صلى اللَّه عليه و سلم) نظير ذلك من بني قريظة و النضير و قينقاع، فإنّهم نقضوا العهد و حزّبوا الأحزاب، و جمعوا و حشدوا، و أظهروا له العداوة بعد ما هموا بإلقاء الرحى عليه، لما أتاهم يستعين بهم في دية بعض أصحابه، فقام (صلى اللَّه عليه و سلم) بحربهم، و قتل مقاتلهم و سبى ذراريهم، و قسم أموالهم، فكان نظير استضعافهم لهارون استضعافهم للنّبيّ (صلى اللَّه عليه و سلم) يوم الأحزاب، حتى لقد قال قائلهم: محمد يخندق على نفسه و أصحابه، و لا يستطيع أحدهم الخروج إلى الغائط، و هو يعدهم بملك كسرى و قيصر، فكان المسلمون كما قال تعالى: وَ إِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَ بَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ[3]، حتى أيده اللَّه بجنوده، و جعل العاقبة له على اليهود و الأحزاب، كما هو مذكور في موضعه من هذا الكتاب [4].