نام کتاب : إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال و الأموال و الحفدة و المتاع نویسنده : المقريزي، تقي الدين جلد : 4 صفحه : 202
و أما ضرب موسى البحر بعصاه فانفلق و جازه بأصحابه
فقد ورد أن بين السماء و الأرض بحرا مكفوفا، تكون بحار الأرض بالنسبة إليه كالقطرة بالنسبة إلى البحر المحيط، فعلى هذا يكون ذلك البحر قد انفلق لنبينا (صلى اللَّه عليه و سلم) حتى جاوزه ليلة الإسراء، و ذلك أعظم و أفخم من انفلاق بحر القلزم لموسى (عليه السلام).
و قد أوتي نظير ما أوتى موسى من ذلك: أن العلاء بن الحضرميّ رضي اللَّه عنه، لما كان بالبحرين و اضطر إلى عبور البحر، فعبر هو و من معه من المسلمين، و لم يبتل لهم ثوب ببركة اتباعهم رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم)، كما سيأتي ذكره إن شاء اللَّه بطرقه.
و أما بياض يد موسى (عليه السلام) من غير سوء- و هو النور- فنظيره لنبينا محمد (صلى اللَّه عليه و سلم) أنه نور ينقل في الأصلاب، كما مرّ أنه كان نورا في جبهة أبيه عبد اللَّه ابن عبد المطلب.
و لما بعث رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) الطفيل بن عمرو الدوسيّ يدعو قومه إلى الإسلام، دعي له فسطع نور بين عينيه فقال: يا رسول اللَّه! أخاف أن يقولوا مثله؟ فتحول النور إلى رأس سوطه، و كان كأنه شمعة [مضيئة] [1] آية للمصطفى (صلى اللَّه عليه و سلم)، فكانت كاليد البيضاء، و صارت كعصا موسى التي ذكر في الأخبار أنها كانت تضيء.
و أما تفجير الماء من يده (صلى اللَّه عليه و سلم) فهو بياض معنوي، فأيّ يد بيضاء أغنى غناء و أبيض ماء من يد كان البحر في الإحسان دونها، و السحب تضاهي معينها؟
و قد ذكر أيضا أن عصا موسى (عليه السلام) هزم بها الألوف من قوم فرعون، و قد أتى اللَّه تعالى نبينا (صلى اللَّه عليه و سلم) أعجب من ذلك،
إذ تناول يوم حنين كفا من تراب أو حصى، و رمى به في وجوه هوازن، و قال: شاهت الوجوه،
فلم يبق أحد منهم إلا أصاب عينه شيء من ذلك، و ولوا منهزمين.
و كان من كرامة موسى المناجاة، و لكنها عن ميعاد و استعداد، و كرامة المصطفى (صلى اللَّه عليه و سلم) بالمناجاة كانت على سبيل المفاجأة، بدليل