نام کتاب : إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال و الأموال و الحفدة و المتاع نویسنده : المقريزي، تقي الدين جلد : 4 صفحه : 200
و أما موسى (عليه السلام)
فإن اللَّه تعالى أيده بالعصا، و اليد البيضاء، و تفجير الماء من الحجر، و قال تعالى: وَ قَرَّبْناهُ نَجِيًّا[1]، و مقام المصطفى (صلى اللَّه عليه و سلم) في المناجاة أرفع، فإن موسى (عليه السلام)، إنما سمع الكلام و المناجاة على الطور، و محمد (صلى اللَّه عليه و سلم) سمع الكلام و قد أسرى به، و الملأ الأعلى فضله على الأرض.
فأما العصي الخشب الموات فإنّها تصير بإذن اللَّه تعالى ثعبانا تتلقف إفك سحرة فرعون، ثم تعود إلى معناها، و خاصتها من مآرب موسى (عليه السلام)، و قد أتى اللَّه تعالى نبينا محمدا (صلى اللَّه عليه و سلم) أعجب من ذلك، فإنه أشار بقضيب في يده يوم الفتح إلى الأصنام المشدودة بالرصاص شدا محكما إلى الكعبة فيما حولها، و عدتها ثلاثمائة و ستون صنما، فكان إذا أشار إليها بالقضيب و قال: جاءَ الْحَقُّ وَ زَهَقَ الْباطِلُ[2] سقط الصنم و تكسر جذاذا، فكانت عصا موسى مسلطة على آلة آل فرعون، و قضيب محمد (صلى اللَّه عليه و سلم) سلّط على ما اتخذته قريش آلهة، و أين التسليط على الآلة، من التسلط على الآلهة؟
و أيضا فإن اللَّه تعالى قال عن موسى (عليه السلام): يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى[3] فسلط عصاه على ذلك التخيل، و قضيب رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) تسلط على أمر حقيقي، و أين الخيال من الحقيقة؟
و قد حنّ لنبينا [محمد] [4](صلى اللَّه عليه و سلم) الجذع اليابس، و خار، و هذا أعجب من حالات عصا موسى (عليه السلام)، فإن موسى إنما جعل النّبات حيوانا غير ناطق، و نبينا [محمد] [4](صلى اللَّه عليه و سلم) جعل النبات حيوانا ناطقا، فشارك موسى في قلب الأعيان على وجه أتم، لأن الناطق أتم من غير الناطق، و أبلغ في الأعجوبة إجابة الأشجار و اجتماعها لدعوة رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) لما دعاها، و رجوعها إلى أمكنتها بعد أن أمرها.
و كان من معجزات موسى (عليه السلام)، أن يضرب بعصاه الحجر فينفجر منها اثنتا عشرة عينا بعدد الأسباط الاثنا عشر، و قد أيد اللَّه نبينا محمدا (صلى اللَّه عليه و سلم) من ذلك