نام کتاب : إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال و الأموال و الحفدة و المتاع نویسنده : المقريزي، تقي الدين جلد : 4 صفحه : 198
و أما يوسف (عليه السلام)
فإنه فاق في الحسن على جميع الخلق، و قد بلغ نبينا (صلى اللَّه عليه و سلم) من ذلك ما لا غاية فوقه، و ذلك أن يوسف (عليه السلام) قد ثبت أنه أوتي شطر الحسن، فزعم زاعم أنه (عليه السلام) اختص بالشطر من الحسن، و اشترك الناس جميعا في [الشطر] الآخر، و ليس كذلك، بل إنما أوتي شطر الحسن الّذي أوتيه المصطفى (صلى اللَّه عليه و سلم)، لأن الرسول (صلى اللَّه عليه و سلم) بلغ الغاية، و هو (عليه السلام) بلغ شطر الغاية، بدليل ما خرجه الترمذي من طريق قتادة، عن أنس رضي اللَّه عنه قال: ما بعث اللَّه نبيا إلا حسن الوجه و حسن الصّوت، و كان نبيكم أحسنهم وجها و أحسنهم صوتا.
و يؤيد ذلك أنه (صلى اللَّه عليه و سلم) وصف بأنه كالشمس الطالعة، و كالقمر ليلة البدر، و أحسن من القمر، و وجهه كأن مذهبة يستنير كاستنارة القمر، و كان عرقه (صلى اللَّه عليه و سلم) له رائحة كرائحة المسك الإذخر، و قد تقدم ذلك بطرقه.
و قد قاسي يوسف (عليه السلام) مرارة الغربة، و امتحن بمفارقة أبويه، و الخروج عن وطنه، و كان الّذي قاسي نبينا محمد (صلى اللَّه عليه و سلم) من ذلك أعظم، فإنه اغترب و فارق أهله و ولده، و عشيرته و أحبته، كما هاجر من حرم اللَّه و أمنه، حيث مسقط رأسه مضطرا لا مختارا، فاستقبل البيت مستعبرا متلهفا حزينا، و قال: إني أعلم أنك أحب البلاد إلى اللَّه، و لو لا أني أخرجت منك ما [خرجت] [1]، و خرج ليتأوّلها، فلما بلغ الجحفة أنزل اللَّه عليه: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ[2] و أراه اللَّه تعالى رؤيا أزال بها الحزن عنه، كما أري يوسف (عليه السلام) رؤيا صدق تأويلها.
قال تعالى: لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ[3]، فدخل (صلى اللَّه عليه و سلم) مكة آمنا، و صدق وعد اللَّه له، كما جاء تعالى بأبوي يوسف تأويلا لرؤياه من قبل.
و قد ابتلى يوسف (عليه السلام) بالسجن توقيا للمعصية، إذ قال: رب