و لم يخاطب سبحانه غيره من الرسل إلا باسمه، فقال تعالى: يا آدَمُ[2]، يا نُوحُ[3]، يا إِبْراهِيمُ[4]، يا مُوسى[5]، يا يَحْيى[6]، يا داوُدُ[7]، يا عِيسى[8]، و كل ذي عقل سليم يرى أن الخطاب للرجل بكنية أجل و أعظم من دعائه و خطابه به [من] [9] ندائه باسمه.
و لما رماه (صلى اللَّه عليه و سلم) المشركون بما رموا به من قبله من رسل اللَّه تعالى منذ عهد نوح فقالوا: مجنون، و ساحر، و شاعر، و نحو ذلك من افترائهم الّذي نزه اللَّه عنه رسله (عليهم السلام)، احتمل (صلى اللَّه عليه و سلم) أذاهم، و صبر على تكذيبهم له، ثقة منه بأن اللَّه تعالى تولى نصرته، و أنه وليه و ظهيره، و لم يسلك مسلك من تقدمه من الرسل، في انتصارهم لأنفسهم، كقول نوح لما قال له قومه: إِنَّا لَنَراكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ[10]، فقال مجيبا عن نفسه: يا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ وَ لكِنِّي رَسُولٌ[11]، و كقول هود لما قال له قومه: إِنَّا لَنَراكَ فِي سَفاهَةٍ[12] فقال دفعا عن نفسه: يا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفاهَةٌ[13]، [و] [14] كما قال [فرعون] [15] لموسى: إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُوراً[16]، فنصر نفسه بنفسه فقال: إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً[17]، و لما قال المشركون لمحمد (صلى اللَّه عليه و سلم): أَ إِنَّا لَتارِكُوا [18] آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ[19]، و قالوا: يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ[20]، سكت (صلى اللَّه عليه و سلم) صابرا محتسبا.
فتولى اللَّه تعالى نصرته بوحي يتلى على مر الأيام إذا يقول: وَ ما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ