نام کتاب : إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال و الأموال و الحفدة و المتاع نویسنده : المقريزي، تقي الدين جلد : 4 صفحه : 183
فصل في [ذكر موازاة الأنبياء في فضائلهم بفضائل نبينا (صلى اللَّه عليه و سلم) و مقابلة ما أوتوا من الآيات بما أوتي (عليه السلام)]
و قد أتى اللَّه تعالى نبينا محمدا (صلى اللَّه عليه و سلم) مثل ذلك، فإن قريشا لما كذبوه و بالغوا في أذاه و إهانته، دعا عليهم، فاستجاب ربه دعاءه فيهم و قبله، كما خرجه عبد الرزاق، أخبرنا إسرائيل عن إسحاق عن عمرو بن ميمون، عن عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه عنه قال: بينما رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) يصلي عند الكعبة و جمع قريش ينظرون، فقال قائل منهم: ألا ترون إلى هذا المرائي، أيكم يقوم إلى جزور آل فلان، فيعمد إلى فرثها و دمها و سلائها، حتى إذا سجد وضعه بين كتفيه؟
فانطلق أشقاهم فجاء به، حتى إذا سجد رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) وضعه بين كتفيه، و ثبت رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) ساجدا، و ضحكوا حتى مال بعضهم على بعض، فانطلق منطلق إلى فاطمة رضي اللَّه عنها- و هي جويرية- فأقبلت تسعى، و ثبت النبي (صلى اللَّه عليه و سلم) ساجدا حتى نحّت عنه، و أقبلت عليهم تسبّهم.
فلما قضى النبي (صلى اللَّه عليه و سلم) صلاته استقبل الكعبة فقال: اللَّهمّ عليك بقريش، ثم سماهم فقال: اللَّهمّ عليك بعمرو بن هشام، و شيبة، و عتبة، و الوليد بن عتبة، و أمية بن خلف، و عقبة بن أبي معيط، و عمارة بن الوليد، قال عبد اللَّه: و الّذي توفّى نفسه، لقد رأيتهم صرعى يسحبون إلى القليب قليب بدر، قال رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم): اللَّهمّ أتبع أهل هذا القليب لعنة:
و سيأتي هذا بطرقه.
فانظر لمشابهة هذا الخبر ما أوتيه نوح من إجابة دعائه في هلاك قومه، و تأمل ما ميز اللَّه تعالى به محمدا (صلى اللَّه عليه و سلم) من ذلك، فإن نوحا (عليه السلام) لما امتلأ غيظا من أذى المكذبين له، و عيل صبره، ابتهل إلى ربه تعالى يسأله أن ينصره، فقال: أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ[1]، فهطلت السماء بماء منهمر، فكانت دعوته دعوة انتقام و انتصار.