نام کتاب : إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال و الأموال و الحفدة و المتاع نویسنده : المقريزي، تقي الدين جلد : 4 صفحه : 144
الحجة الرابعة
محمد (صلى اللَّه عليه و سلم) أقرّ اليهود و النصارى في شريعته بالجزية مع علمه بأنهم يكذبونه و يقدحون في صدقه، و ما كان ذلك منه إلا مراعاة لحرمة كتابهم و أنبيائهم، إنما علم أنهم و إن تصرّفوا فيها بالتبديل و التحريف، فإنّهم لم يحرفوا الجميع، و إنما حرفوا ما كان تحريفه مهما عندهم، فهم على بقايا من شرائعهم، فراعاهم لذلك و جعل عقوبة كفرهم إيقاع الجزية و الصّغار عليهم.
و من المعلوم أنه لو كان ملكا محضا لا نبوة له لأخلى الأرض منهم على تكذيبهم له و عدم طاعتهم، لأن هذا من شأن الملوك لا يستبقون من خشوا عاقبته، خصوصا و لم يكن يخفى عليه أنه جنس الملتين يبقى بعده، و يتطرق منهما تشكيك أمته بالشبهات و الترهات، و ذلك مما يضعف الناموس الملوكي.
فلما تركهم بالجزية دل ذلك على أنه مأمور فيهم من اللَّه تعالى بما لا تصبر عليه نفوس البشر، و لا يتجه على هذه الحجة إلا أن يقال: لعله تركهم ليستنبط له من تركهم هذه الشبهة و ليحب الناس العدل و أخلاق النبوة.
لكن الجواب: أنه لو كان قصده ذلك لكان ذلك يحصل له بأن يقف، عنهم في حياته فقط و لا كان يوصي بهم كما أوصى بأمته حتى قال: أنا بريء ممن وافاني يوم القيامة و لذمي عليه مظلمة، و قال: لهم ما لكم و عليهم ما عليكم، فلو لا أنه مأمور فيهم من اللَّه تعالى لما أبقاهم، و لو كان ملكا محضا يحب الرئاسة و إقامة الناموس لكان استبقاهم حال حياته و سكت عن الوصية فيهم بعد موته، حتى كان المسلمون أخلوا منهم الأرض.
نام کتاب : إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال و الأموال و الحفدة و المتاع نویسنده : المقريزي، تقي الدين جلد : 4 صفحه : 144