نام کتاب : إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال و الأموال و الحفدة و المتاع نویسنده : المقريزي، تقي الدين جلد : 3 صفحه : 41
[ ()] سدّ الأفق».
قوله: «رأى رفرفا أخضر قد سدّ الأفق»، هذا ظاهره يغاير التفسير السابق أنه رأى جبريل، و لكن يوضح المراد، أخرجه النسائي و الحاكم، عن طريق عبد الرحمن بن يزيد، عن عبد اللَّه بن مسعود قال: أبصر نبي اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) جبريل (عليه السلام) على رفرف قد ملأ ما بين السماء و الأرض» فيجتمع من الحديثين أن الموصوف جبريل، و الصفة التي كان عليها.
و قد وقع في رواية محمد بن فضيل عند الإسماعيلي، و في رواية ابن عيينة عن النسائي، كلاهما عن الشيبانيّ عن زرّ عن عبد اللَّه، أنه رأى جبريل له ستمائة جناح قد سدّ الأفق، و المراد أن الّذي سدّ الأفق الرفرف الّذي فيه جبريل، فنسب جبريل إلى سد الأفق مجازا.
و في رواية أحمد و الترمذي، و صححها من طريق عبد الرحمن بن يزيد عن ابن مسعود رأى جبريل في حلة من رفرف قد ملأ ما بين السماء و الأرض، و بهذه الرواية يعرف المراد بالرفرف و أنه حلة، و يؤيده قوله تعالى: مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَ عَبْقَرِيٍّ حِسانٍ [الآية 76/ الرحمن]، و أصل الرفرف ما كان من الديباج، رقيقا حسن الصنعة، ثم اشتهر استعماله في الستر، و كل ما فضل من شيء فعطف و ثنى فهو رفرف. و يقال: رفرف الطائر بجناحه إذا بسطهما، و قال بعض الشّراح:
يحتمل أن يكون جبريل بسط أجنحته فصارت تشبه الرفرف، كذا قال، و الرواية التي أوردتها توضح المراد. (فتح الباري): 8/ 786، 787.
و من أحاديث الباب ما رواه الإمام مسلم في صحيحه، في كتاب الإيمان، باب (77) معنى قول اللَّه عزّ و جلّ: وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى، و هل رأى النبي (صلى اللَّه عليه و سلم) ربه ليلة الإسراء، حديث رقم 287 (177): «حدثني زهير بن حرب، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن داود عن الشعبي، عن مسروق قال: كنت متكئا عند عائشة فقالت: ثلاث من تكلم بواحدة منهن فقد أعظم على اللَّه الفرية، قلت: ما هن؟ قالت: من زعم أن محمدا (صلى اللَّه عليه و سلم) رأى ربه فقد أعظم على اللَّه الفرية، قال: و كنت متكئا فجلست، فقلت: يا أم المؤمنين أنظريني و لا تعجليني، أ لم يقل اللَّه عزّ و جلّ: وَ لَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ، وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى، فقالت: أنا أول هذه الأمة سأل عن ذلك رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم)، فقال: إنما هو جبريل، لم أره على صورته التي خلق عليها غير هاتين المرتين: رأيته منهبطا من السماء، سادّا عظم خلقه ما بين السماء إلى الأرض، فقالت: أو لم تسمع أن اللَّه يقول: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ؟ أو لم تسمع أن اللَّه يقول: وَ ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ؟ قالت: و من زعم أن رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) كتم شيئا من كتاب اللَّه فقد أعظم على اللَّه الفرية، و اللَّه يقول: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ؟ قالت:
و من زعم أنه يخبر بما يكون في غد فقد أعظم على اللَّه الفرية، و اللَّه يقول: لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ. (مسلم بشرح النووي): 3/ 10- 12.
و أخرج ابن حبان في صحيحه، باب: ذكر رؤية المصطفى (صلى اللَّه عليه و سلم) جبريل بأجنحته، حديث رقم (6427) أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحيّ، حدثنا أبو الوليد، حدثنا شعبة عن الشيبانيّ، قال:
«سألت زرّ بن حبيش عن هذه الآية: لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى [18/ النجم] قال:
قال عبد اللَّه: رأى جبريل في صورته له ستمائة جناح». و قال في هامشه: إسناده صحيح على شرط الشيخين. و الشيبانيّ: هو أبو إسحاق سليمان بن أبي سليمان. (الإحسان): 14/ 336.
نام کتاب : إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال و الأموال و الحفدة و المتاع نویسنده : المقريزي، تقي الدين جلد : 3 صفحه : 41